باب ما يؤمر به من الوفاء بالنذر
حدثنا الحسن بن على حدثنا يزيد بن هارون حدثنا عبد الله بن يزيد بن مقسم الثقفى من أهل الطائف قال حدثتنى سارة بنت مقسم الثقفى أنها سمعت ميمونة بنت كردم قالت : خرجت مع أبى فى حجة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسمعت الناس يقولون : رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجعلت أبده بصرى فدنا إليه أبى وهو على ناقة له معه درة كدرة الكتاب فسمعت الأعراب والناس يقولون : الطبطبية الطبطبية فدنا إليه أبى فأخذ بقدمه قالت : فأقر له ووقف فاستمع منه فقال : يا رسول الله إنى نذرت إن ولد لى ولد ذكر أن أنحر على رأس بوانة فى عقبة من الثنايا عدة من الغنم. قال : لا أعلم إلا أنها قالت خمسين. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : « هل بها من الأوثان شىء ». قال : لا. قال : « فأوف بما نذرت به لله ». قالت : فجمعها فجعل يذبحها فانفلتت منها شاة فطلبها وهو يقول : اللهم أوف عنى نذرى. فظفرها فذبحها.
حرص النبي صلى الله عليه وسلم على مخالفة أفعال الجاهلية، والبعد عن كل أفعال الكفار، وفي هذا الحديث تحكي ميمونة بنت كردم فتقول: "خرجت مع أبي في حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم"، أي: حجة الوداع، "فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسمعت الناس يقولون: رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعلت أبده بصري"، أي: أتبعه بصري ولا أحيد عنه، "فدنا إليه أبي"، أي: اقترب منه، "وهو على ناقة له معه درة كدرة الكتاب"، والدرة: هي آلة الضرب، والمراد بها العصا، أو السوط، والكتاب: هو مكان تعليم الصغار، قالت: "فسمعت الأعراب والناس يقولون: الطبطبية الطبطبية"، يحتمل أن يكون المراد: وقع الأقدام، فيكون المعنى: أن الناس أخذوا يسعون إليه، ولأقدامهم أصوات طب طب، وقيل: هو كناية عن صوت الدرة، فكأن الناس يقولون: احذروا أن تصيبكم، قالت: "فدنا إليه أبي، فأخذ بقدمه"، وذلك ليتكلم معه ويأخذ انتباه النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: "فأقر له"، أي: آمن به وأقر برسالته، ووقف "فاستمع منه"
فقال له: "يا رسول الله، إني نذرت إن ولد لي ولد ذكر أن أنحر على رأس بوانة في عقبة من الثنايا"، في طريق من الطرق التي بالجبال، وبوانة: هضبة وراء ينبع، قريبة من ساحل البحر، "عدة من الغنم"، أي: أذبح عددا منها، قال الراوي: "لا أعلم إلا أنها قالت: خمسين"، أي: خمسين من الغنم، "فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل بها من الأوثان شيء؟" أي: الأصنام، "قال: لا، قال: فأوف بما نذرت به لله. قالت: فجمعها"، أي: الغنم، "فجعل يذبحها، فانفلتت منها شاة"، أي: ضاعت وشردت، "فطلبها وهو يقول: اللهم أوف عني نذري"، أي: أعني على إيجاد الشاة؛ لاستيفاء ما نذرت به، قالت: "فظفرها"، أي: وجدها، "فذبحها"