باب ما يؤمر به من غض البصر
حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان حدثنى يونس بن عبيد عن عمرو بن سعيد عن أبى زرعة عن جرير قال سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن نظرة الفجأة فقال « اصرف بصرك ».
سدت الشريعة المطهرة كل الذرائع المؤدية إلى الوقوع في الحرام؛ لأجل ذلك جاء الأمر بغض البصر، والنهي عن النظر إلى العورات
وفي هذا الحديث يخبر جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن «نظر الفجاءة»، أي: البغتة، والمراد به: النظرة الأولى للمرأة الأجنبية عن غير قصد، فأمره صلى الله عليه وسلم أن يصرف بصره ويبتعد به، وألا ينظر مرة ثانية؛ لأن الأولى إذا لم تكن بالاختيار فهي معفو عنها، فإن أدام النظر أثم، فعند أحمد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «يا علي، لا تتبع النظرة النظرة؛ فإنما لك الأولى، وليست لك الآخرة»
وغض البصر عما نهى الله عنه يورث فوائد عظيمة؛ منها: أنه يورث حلاوة الإيمان ولذته، التي هي أحلى وأطيب مما صرف بصره عنه وتركه لله تعالى. ومنها: أنه يورث نور القلب، وصحة الفراسة، بخلاف التعلق بالصور؛ فإنه يوجب فساد العقل، وعمى البصيرة، وسكر القلب، بل جنونه؛ فالجزاء من جنس العمل؛ فمن غض بصره عما حرم الله عز وجل عليه عوضه الله تعالى من جنسه ما هو خير منه، فكما أمسك نور بصره عن المحرمات، أطلق الله نور بصيرته وقلبه، فرأى به ما لم يره من أطلق بصره ولم يغضه عن المحارم. ومنها: أنه يورث قوة القلب وثباته وشجاعته، ويكون سببا في هروب الشيطان منه