باب ما يؤمر به من غض البصر
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن سهيل بن أبى صالح عن أبيه عن أبى هريرة أن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال « لكل ابن آدم حظه من الزنا ». بهذه القصة قال « واليدان تزنيان فزناهما البطش والرجلان تزنيان فزناهما المشى والفم يزنى فزناه القبل ».
خلق الله تعالى الناس في هذه الحياة؛ ليبتليهم ويختبرهم؛ فمن أطاع ربه وعصى هواه كان جزاؤه الجنة في الآخرة، ومن عصى ربه واتبع هواه كان من أهل النار
وفي هذا الحديث يخبر أبو هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كل ابن آدم"، أي: كتب عليه في اللوح المحفوظ، "أصاب من الزنا لا محالة"، أي: وقع له من دواعيه؛ والمعنى: أن الإنسان مصيب ذلك، ولا مفر منه؛ فقد قدر عليه نصيب من الزنا، فهو مدرك ذلك النصيب؛ ومرتكب له بلا شك، والأمور المقدرة لا بد من وقوعها، "فالعين زناها النظر" بالتطلع إلى ما حرمه الله من النظر إلى النساء، وما يدعو إلى الفاحشة، "واليد زناها اللمس"، أي: إذا مست ما يحرم عليها، "والنفس تهوى وتحدث"، أي: ترغب في ذلك وتشتهيه، ولعل المراد بالنفس هي الأمارة بالسوء التي تحرض صاحبها على الحرام، "ويصدق ذلك أو يكذبه الفرج"، أي: يصدق الفرج على فعل الجوارح بالزنا والوقوع فيه، أو يمتنع فيكون مكذبا لما اكتسبته الجارحة، وهذا من باب البيان للناس بمعاصي الجوارح؛ حتى يجتنبوها ولا يقعوا فيها، وهذه الأمور هي مقدمات الوقوع في الزنا، ولكن إذا لم يصر الإنسان عليها، ولم يجتهد في الوصول إلى الفاحشة؛ فإنها تكفر بالعمل الصالح؛ من الاستغفار والتوبة والصلاة وغير ذلك، وأما إذا كان الإنسان مصرا وينتهز الفرص ويتحينها حتى يقع في الفاحشة، ولم يتركها إلا بسبب العجز عن الوصول إليها؛ فإن تلك الأفعال التي يفعلها من كلام أو لمس أو مشي، فإنه يؤاخذ بها؛ لأن هذه أعمال وحركات مقصودة ومتعمدة. وقد أخرج وكيع في الزهد عن ابن عباس رضي الله عنهما: "الشيطان من الرجل في ثلاثة: في نظره وقلبه وذكره، وهو من المرأة في ثلاثة: في بصرها وقلبها وعجزها".
وفي الحديث: التحذير من الوقوع في الأفعال المؤدية إلى الوقوع في الزنا