باب ما يكره من كثرة السؤال، وتكلف ما لا يعنيه، وقوله تعالى: (لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم) 1
بطاقات دعوية
عن سعد بن أبي وقاص أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
"إن أعظم المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم، فحرم من أجل مسألته".
نَهَى الشَّارعُ الحَكيمُ عن كَثرةِ السُّؤالِ، وكذلك الابتداءُ بالسُّؤالِ عمَّا لا يَقَعُ؛ فرُبَّما يَكونُ السُّؤالُ في وقتِ نُزولِ الوَحيِ والتَّشريعِ سَببًا في تَحريمِ شَيءٍ على المسلِمينَ، كان حَلالًا، فيَلحَقُهم بتَحريمِه المَشقَّةُ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ «أعظَمَ المُسلِمِينَ جُرمًا» أي: أشَدَّهم وُقوعًا في الذَّنبِ والإثمِ، «مَن سَأَلَ» النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ «عن شَيءٍ لم يُحرَّمْ على المُسلِمِينَ» قبْلَ سُؤالِه، بَل كانَ مَسكوتًا عنه، «فحُرِّمَ عليهم من أجْلِ مسألتِه»، أي: بسَببِ سُؤالِه هذا.
وهذا في حقِّ مَن سَألَ عَبَثًا وتكلُّفًا فيما لا حاجةَ به إليه؛ كمَسألةِ بَني إسرائيلَ في شأنِ البقرةِ، أمَّا الذي يَسألُ سُؤالَ حاجةٍ وَضرورةٍ فهو مُطالَبٌ به، كما في قولِ اللهِ تَعالَى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43]، وأيضًا فإنَّ التَّحذيرَ والتَّرهيبَ يَختصُّ بزَمنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، لكن بعدَ مَوتِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لا بأسَ أن يَسألَ النَّاسُ العُلماءَ عن أُمورِ دينِهم؛ لأنَّ التَّشريعَ قدِ انتهَى وقتُه، وليس هناك تَحليلٌ ولا تَحريمٌ، ولا إيجابٌ ولا إسقاطٌ.
وفي الحديثِ: أنَّ الأصلَ في الأشياءِ الإباحةُ، حتَّى يَرِدَ الشَّرعُ بخِلافِ ذلك.
وفيه: التَّحذيرُ من الاختلافِ وكثرةِ الأسئلةِ من غيرِ ضَرورةٍ..