باب ما يكره من كثرة السؤال، وتكلف ما لا يعنيه، وقوله تعالى: (لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم) 2
بطاقات دعوية
عن أنس قال: كنا عند عمر فقال: نهينا عن التكلف (9).
تَركُ كُلِّ مَظاهرِ التَّنطُّعِ والتَّكلُّفِ مِنَ الآدابِ الحَسَنةِ المأمورِ بِها في الإِسلامِ.
وفي هذا الحديثِ يَروي أنسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه عن عُمرَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه قالَ: «نُهِينَا عن التَّكَلُّفِ»، والنَّاهي هو الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ لأنَّ الصَّحابيَّ إذا قال: «نُهينا» فإنَّ هذا له حُكمُ الرَّفعِ، فكأنَّه قال: نَهانا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، والتَّكلُّفُ: هو تَعاطي ما فيه مَشقَّةٌ من دُونِ حاجةٍ إلى ذلك، سواءٌ كانَ قولًا أو فِعلًا، ومِنَ التَّكلُّفِ: أن يَتكلَّفَ الإنسانُ ما لا عِلمَ له به، ويُحاوِلَ أن يَظهَرَ بمَظهَرِ العالِمِ وليسَ كذلك، أو يُشدِّدَ على نَفسِه أو على غيرِه في أيِّ أمرٍ جَعَلَ اللهُ فيه سَعةً.
وأخرَجَ الحُميديُّ في الجَمعِ بين الصَّحيحَينِ عن أنسٍ: «أنَّ عُمَرَ قرأَ: {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} [عبس: 31]، فقالَ: ما الأبُّ؟ ثُمَّ قالَ: ما كُلِّفْنا أو قالَ: ما أُمِرْنا بهذا».
ويَحتمِلُ أنَّ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنه قد عَلِمَ الأبَّ -لشُهرتِه عندَ العربِ، وأنَّه الَّذي تَرعاه البَهائمُ- ولكنَّه أرادَ تَخويفَ غيرِه مِنَ التَّعَرُّضِ للتَّفسيرِ بما لا يَعلَمُ، أو أنَّ كلمةَ الأبِّ تُطلَقُ على أشياءَ كثيرةٍ، منها النَّبتُ الذي تَرعاه الأنعامُ، ومنها التِّبنُ، ومنها يابِسُ الفاكِهةِ، فتَورَّعَ عن بيانِ مَعناه؛ لِعَدمِ الجَزمِ بما أرادَ اللهُ منه على التَّعيينِ.