باب: مبايعة النبي - صلى الله عليه وسلم - تحت الشجرة على ترك الفرار 3
بطاقات دعوية
عن عبد الله بن أبي أوفى قال كان أصحاب الشجرة ألفا وثلاثمائة وكانت أسلم ثمن المهاجرين. (م 6/ 26
الَّذين بايَعوا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَ الحُدَيْبيَةِ لهم أجْرٌ عَظيمٌ ورِضْوانٌ منَ اللهِ؛ فقد نزَلَ القُرآنُ مُثْنيًا عليهم، ومُبشِّرًا لهم برِضا الحقِّ سُبحانَه عنهم، قال تعالَى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} [الفتح: 18].
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ أبي أوْفَى رَضيَ اللهُ عنه -وكان مِن قَبيلةِ أسْلَمَ- أنَّ أصْحابَ الشَّجَرةِ -وهمُ الَّذين بايَعوا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تحْتَ الشَّجَرةِ في الحُدَيْبيَةِ- كانوا ألفًا وثَلاثَ مِئةٍ، هذا ما اطَّلَعَ عليه ابنُ أبي أَوْفى، فلا تَنافيَ بيْنَه وبيْنَ ما رَواه غيرُه مِن كَونِهم ألفًا وأربَعَ مِئةٍ، كما أخبَرَ جابرُ بنُ عبدِ اللهِ في رِوايةٍ في الصَّحيحينِ، فكلٌّ أخبَرَ بما رَأى، والعَددُ القليلُ لا يَنْفي الزَّائدَ، وأخبَرَ عبدُ اللهِ بنُ أبي أوْفَى رَضيَ اللهُ عنه أنَّ عدَدَ أفرادِ قَبيلةِ أسْلَمَ يُساوي ثُمُنَ عَددِ المُهاجِرينَ، وقيلَ: إنَّ عَددَ المُهاجِرينَ كانوا ثَمانَ مِئةِ رَجلٍ، وعليه فمَن كان في يومِ الحُدَيْبيَةِ مِن قَبيلةِ أسلَمَ كانوا مِئةَ رَجلٍ.
وقد خرَج النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في العامِ السَّادِسِ منَ الهِجْرةِ قاصِدًا مكَّةَ لأداءِ العُمْرةِ، فنزَلَ في مِنطَقةِ الحُدَيْبيَةِ، وهي اسمُ بِئرٍ على بُعدِ 35 كم تَقْريبًا من مكَّةَ، وأرسَلَ عُثمانَ بنَ عفَّانَ رَضيَ اللهُ عنه إلى قُرَيشٍ يُخبِرُها أنَّهم قَدِموا لأداءِ العُمرةِ، ولا يُريدونَ حَربًا، فرفَضَتْ قُرَيشٌ دُخولَهم مكَّةَ، ومنَعَتْهمُ العُمرةَ، وأُشيعَ وَقتَها أنَّ عُثمانَ بنَ عفَّانَ رَضيَ اللهُ عنه قد قُتِلَ، فاجتمَعَ الصَّحابةُ حَولَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وبايَعوه على المَوتِ في سَبيلِ اللهِ، فيما عُرِفَ ببَيْعةِ الرِّضْوانِ، وانْتَهى الأمرُ بأنْ عقَدَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صُلحَ الحُدَيْبيَةِ مع قُرَيشٍ، ومِن ضِمنِ ما اتَّفَقوا عليه أنْ يَرجِعَ مِن عُمْرتِه في هذه السَّنةِ، ثمَّ يَرجِعَ، فيَعتَمِرَ في العامِ المُقبِلِ على أنْ تَتْرُكَ له قُرَيشٌ البَيتَ الحَرامَ ثَلاثةَ أيَّامٍ.