باب متى يتم المسافر
حدثنا نصر بن على أخبرنى أبى حدثنا شريك عن ابن الأصبهانى عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أقام بمكة سبع عشرة يصلى ركعتين.
صَلاةُ القَصْرِ مِن الرُّخَصِ الَّتي منَحَها اللهُ للمُسافِرِ؛ تَيسيرًا مِنه سبحانه وتعالى، ورِفقًا بعِبادِه
وفي هذا الحديثِ: "أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أقَامَ سبْعَ عشْرَةَ بمَكَّةَ"، وذلِك عامَ الفتْحِ، "يَقْصُرُ الصَّلاةَ"، فيُصلِّي الصَّلاةَ الرُّباعيَّةَ ركعتَينِ، ثمَّ نصَحَ ابنُ عبَّاسٍ النَّاسَ بالاقتِداءِ بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في ذلِك، فقال ابنُ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما: "ومَن أقامَ سبْعَ عشْرَةَ قصَرَ"، أي: فليَفْعلْ مثلَ حِكايتِه السَّابقَةِ عن النَّبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، "ومَن أقام أكثَرَ أتَمَّ"، بأنْ يُصلِّيَ جميعَ الصَّلواتِ كما علَّمَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم؛ بأنْ يَكونَ الفجْرُ ركعتَينِ، والظُّهرُ والعصْرُ والعِشاءُ أربَعًا، والمغرِبُ ثلاثًا.
"قال أبو دَاودُ"، وهو المصَنِّفُ صاحِبُ السُّنَنِ؛ يُفيدُ بمُتابعَةٍ للحَديثِ مِن رِوايةٍ أُخرى: إنَّ عدَدَ أيَّامِ إقامَةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بِمكَّةَ مُختلَفٌ فيها؛ فقال عبَّادُ بنُ مَنصورٍ عن عِكرمَةَ عن ابنِ عبَّاسٍ قال: "أقام تَسْعَ عشْرَةَ"، أي: أقام النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في مكَّةَ تسْعَ عشْرَةَ ليلَةً، ولعلَّ تِسْعَ عشْرَةَ هي الأَولى مِن رِوايةِ: "سبْعَ عشْرَةَ"، وقيل: سواءٌ سبْعَ عشْرةَ أو تِسْعَ عشْرَةَ فهو قصْرٌ للصَّلاةِ في مُدَّةِ إقامتِه، وليس الحَدَّ الأقصَى للقصْرِ؛ لفِعلِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم للقَصْرِ في مدَّةٍ أكبَرَ مِن هذه.