باب من أعتق شركا له في عبد
بطاقات دعوية
عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أعتق شركا له في عبد فكان له مال يبلغ ثمن العبد قوم عليه قيمة العدل فأعطى شركاءه حصصهم وعتق عليه العبد وإلا فقد عتق منه ما عتق. (م 4/ 212
خلَقَ اللهُ سُبحانه وتعالَى النَّاسَ أحرارًا، وكَرِهَ أنْ يَسترِقَّ بَعضُهم بَعضًا، وقدْ جاء الإسلامُ ونِظامُ العُبوديَّةِ قائمٌ، فحَرَصتْ شَريعةُ الإسلامِ على العِتقِ، ويَسَّرتْ في أسبابِه.
وفي هذا الحديثِ يُبيِّنُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ مَن أراد أنْ يُعتِقَ شِقْصًا -أي: نَصيبًا- له في عبْدٍ، قَليلًا كان أو كثيرًا، ذكَرًا كان العبدُ أو أُنثى، وذلِك حِينما يكونُ العبدُ مُشترَكًا بيْنه وبيْن غَيرِه؛ فيَنْبغي عليه أنْ يُعتِقَ جَميعَ العبدِ إذا كانَ له مالٌ يَبلُغُ قِيمةَ العدْلِ، أي: قِيمةَ نَصيبِ شَريكِه بتَقييمٍ عادلٍ مِن غيرِ زِيادةٍ ولا نقْصٍ؛ فمَثَلًا إذا كانتْ قِيمةُ العبْدِ عِشرينَ، وكان العبدُ بيْن اثنينِ مُناصَفةً، وأعْتَقَ أحدُهما نَصيبَه؛ فإنَّه يَنْبغي عليه أنْ يُكمِّلَ عِتْقَ هذا العبدِ بأنْ يَدْفعَ لِشَريكِه عَشَرةً، ذلك إنْ كان له مالٌ يَستطيعُ الدَّفعَ منه، زائدٌ عَن قُوتِ يَومِه وقُوتِ مَن يَلْزَمُه نَفَقَتُه، ويَكْفي لضَروريَّاتِه، كالسَّكنِ والثَّوبِ ونحْوِها فإنْ لم يكُنْ له مالٌ؛ فقد حُرِّر منه ما حُرِّر، أي: تَكونُ حِصَّةُ المُعتِقِ فقطْ هي الَّتي حُرِّرت، ويكونُ العبدُ قدْ حُرِّر بَعضُه.
وفي الصَّحيحينِ مِن حَديثِ أبي هُريرةَ رَضيَ اللهُ عنه: «فإنْ لَمْ يَكُنْ له مالٌ، قُوِّمَ المَمْلُوكُ قِيمَةَ عَدْلٍ، ثُمَّ اسْتُسْعِيَ غيرَ مَشْقُوقٍ عليه»، يعني: يُمَكَّنُ هذا المملوكُ مِنَ العَملِ حتَّى يَدفَعَ باقيَ قِيمتِه؛ لِيكونَ حُرًّا دونَ أنْ يُشدَّدَ عليه في الاكتسابِ إذا عَجَزَ.