باب من تكلم بالفارسية والرطانة ، وقوله تعالى {واختلاف ألسنتكم وألوانكم}، {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه}
بطاقات دعوية
عن أم خالد بنت خالد بن سعيد قالت: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع
أبي، وعلي قميص أصفر، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"سنه سنه". (قال عبد الله (110): وهي بالحبشية: حسنة).
قالت: فذهبت ألعب بخاتم النبوة، فزبرني (111) أبي، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"دعها"، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
" أبلي وأخلقي، ثم أبلي وأخلقي، ثم أبلي وأخلقي". قال عبد الله: فبقيت حتى دكن (وفي رواية: حتى ذكر. يعني: من بقائها 7/ 74).
(وفي رواية عنها قالت: [قدمت من أرض الحبشة، وأنا جويرية، فـ 4/ 245] أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بثياب فيها خميصة سوداء صغيرة، فقال: "من ترون نكسو هذه؟ "، فسكت القوم، قال: "ائتوني بأم خالد"، فأتي بها تحمل، فأخذ الخميصة بيده، فألبسها، وقال: (أبلي وأخلقي [مرتين 48/ 7] "، وكان فيها علم أخضر، أو أصفر [فجعل يمسح الأعلام، [ويشير] بيده [إلي] ويقول:] "يا أم خالد! هذا سناه". وسناه بالحبشية: حسن.
[قال إسحاق (ابن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص): حدثتني امرأة من أهلي أنها رأته على أم خالد] 7/ 42)
في هذا الحَديثِ يَضرِبُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أروعَ الأمثلةِ في تَواضُعِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ورَحمتِه بالصِّغارِ، فتُخبرُ أُمُّ خَالِد -واسمُها أَمَةٌ- بنتُ خالِدِ بنِ سَعِيد رضِي اللهُ عنهما: أنها أتتْ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مع أَبِيها، وعليها قَمِيصٌ أصْفَرُ، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «سَنَهْ سَنَهْ»، وهي باللُّغةِ الحَبَشِيَّة: حَسَنةٌ.
ثُمَّ ذهَبَتْ تَلْعَبُ بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ الذي بيْن كَتِفَيْه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فنَهَرها أبوها وزَجَرها عن ذلك، فأمره صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يترُكَها، ثُمَّ قال لها صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «أَبْلِي وأَخْلِقِي»، وكرَّر هذا الدُّعاءَ ثلاثًا، أي: الْبَسِي وعِيشي إلى أنْ يَصِيرَ ما تَلْبَسينَه خَلَقًا بَالِيًا، وهو دُعاءٌ مِن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لها إذ لَبِسَت ثوبًا جديدًا.
ويُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ المبارَكِ -أحَدُ رواةِ الحَديثِ- أن أُمَّ خَالِدٍ رضِيَ اللهُ عنها عاشت عُمُرًا طويلًا، ببركةِ دُعاءِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، حتَّى ذَكَر الرَّاوِي زَمَنًا طويلًا مِن بَقائِها. وقيل: فبَقِيَ القميصُ زمنًا طويلًا، حتى ذكر النَّاسُ ذلك؛ لخُروجِه في البقاءِ عَمَّا جرت به العادةُ.
وفي الحَديثِ: الدُّعاءُ لِمَن لَبِس ثَوبًا جَديدًا.
وفيه: بيانُ بركةِ دُعاءِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
وفيه: حِلْمُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وسعة صدره في التعامل مع الأطفال.