باب من حدث بمشاهده في الحرب
بطاقات دعوية
عن السائب بن يزيد قال: صحبت طلحة بن عبيد الله، وسعدا، والمقداد بن الأسود، وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم، فما سمعت أحدا منهم يحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ إلا أني سمعت طلحة يحدث عن يوم
شَأْنُ الرِّوايةِ عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَظيمٌ، ولذا اختَلَفَ الصَّحابةُ رِضوانُ اللهِ عليهم في رِوَايتِهم لِلحَديثِ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ فبَعضُهم كان يَتقَلَّلُ مِن رِوايةِ الحَديثِ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ خَشْيةَ أنْ يَزِيدَ فيه أو يَنقُصَ، والبَعضُ الآخَرُ كان يَثِقُ في حِفظِه وفي نَقْلِه، فكانَ يُكثِرُ عنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الحديثَ؛ خَشيةَ الوُقوعِ في إثْمِ كِتمانِ العِلمِ.
وفي هذا الحَديثِ يَذكُرُ السَّائِبُ بنُ يَزيدَ بنِ سَعيدٍ رَضيَ اللهُ عنهما -مِن صِغارِ الصَّحابةِ- أنَّه صَحِبَ طَلحةَ بنَ عُبَيدِ اللهِ، وسَعدَ بنَ أبي وَقَّاصٍ، والمِقْدَادَ بنَ الأسْوَدِ، وعَبدَ الرَّحمَنِ بنَ عَوْفٍ، رَضيَ اللهُ عنهم، فما سَمِعَ أحَدًا مِن هؤلاء الأربَعةِ يُحَدِّثُ عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ وذلك خَشيةَ الزِّيادةِ أوِ النُّقصانِ في كَلامِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومِن ثَمَّ الدُّخولُ في الوَعيدِ الذي ذَكَره صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، كما في الصَّحيحَيْنِ: «مَن كَذَبَ علَيَّ مُتعَمِّدًا، فلْيَتبَوَّأْ مَقعَدَه مِنَ النارِ». إلَّا أنَّه قدْ سَمِعَ طَلحةَ بنَ عُبَيدِ اللهِ يُحدِّثُ عن غَزوةِ أُحُدٍ، أي: يُحدِّثُ بما وَقَع له فيها مِن ثَباتِ القَدَمِ أو نَحوِ ذلك؛ لِيَقتَديَ به النَّاسُ في مِثلِ فِعلِه. وغَزوةُ أُحُدٍ كانَتْ في شَوَّالٍ مِنَ السَّنةِ الثَّالثةِ مِنَ الهِجرةِ، بيْن قُرَيشٍ والمُسلِمينَ، وأُحُدٌ جَبلٌ مِن جِبالِ المَدينةِ المُنوَّرةِ جِهةَ الشَّمالِ منها.
وفي الحَديثِ: مَشروعيَّةُ أنْ يُحدِّثَ الرَّجُلُ ببَعضِ بَلائِه في إظهارِ الإسلامِ وإعلاءِ كَلِمتِه، وما نَفَّذَ فيه مِن أعمالِ البِرِّ؛ لِيَقتَديَ به غَيرُه.