باب من حال بين ولي المقتول، وبين القود أو الدية
سنن ابن ماجه
حدثنا محمد بن معمر، حدثنا محمد بن كثير، حدثنا سليمان ابن كثير، عن عمرو بن دينار، عن طاووس
عن ابن عباس رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "من قتل في عمية أو عصبية بحجر أو سوط أو عصا، فعليه عقل الخطأ، ومن قتل عمدافهو قود، ومن حال بينه وبينه، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل" (1).
القتلُ إمَّا أنْ يكونَ عَمْدًا أو خَطأً، وقد أَحكَم اللهُ في تنزيلِه أمرَهُمَا، فقال: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً...} الآية [النساء: 92]، وفي هذا الحديثِ يُبيِّنُ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم حُكْمَ المقتولِ بحَجَرٍ أو سوْطٍ أو نحْوِ ذلك، فقال: (مَن قُتِلَ في عِمِّيَّا)، "عِمِّيَّا" بكَسْر العَيْن، من العَمَى، والمعنى: مَن قُتِلَ في حالٍ يَعْمَى أمرُه ويُجْهَل، فلا يَتبيَّنُ قاتِلُه ولا حالُ قتْلِه، (في رمْيٍ يكون بينهم بحجارةٍ، أو بالسِّياطِ، أو ضربٍ بعصًا) أي: يترامى القومُ، إمَّا بالحجارةِ أو بالسِّياطِ أو ضربًا بالعصا، ثم يُوجَدُ بينهم قَتِيلٌ ولا يُدرَى مَن قاتِلُه، (فهو خَطَأٌ) أي: حُكْمُه حُكْمُ القَتْلِ الخَطَأِ في وُجُوبِ الدِّيَةِ لا القِصَاصِ، (وعقْلُه عَقْلُ الخَطَأ) أي: ديتُه دِيَةُ القتْلِ الخَطأِ لا العَمْدِ.
(ومَن قُتِلَ عمْدًا فهو قَوَدٌ) أي: ومَن قُتِلَ عمدًا فحُكْمُه القِصَاصُ مِمَّن قتَلَه، (ومَن حَالَ دُونَه) أي: مَنَع الاقتصاصَ مِن القاتِل، وكانَ حائِلًا دون القِصَاص، (فعليه لَعْنةُ اللهِ وغَضَبِه، لا يُقْبَلُ منه صَرْفٌ وَلا عَدْلٌ)، أي: تكون عقوبته أنَّه مَطْرُودٌ مِن رَحْمَة اللهِ، مَغْضُوبٌ عليه، لا يَقبلُ اللهُ مِنه فَرْضًا ولا نَفْلًا، وقيلَ: توبةً ولا فِدْيَةً.
وفي الحديثِ: التَّغليظُ والتَّشديدُ على مَن حالَ دون الحدودِ. .