باب من ذكر التورك في الرابعة
حدثنا عيسى بن إبراهيم المصري، حدثنا ابن وهب، عن الليث، عن يزيد بن محمد القرشي، ويزيد بن أبي حبيب، عن محمد بن عمرو بن حلحلة، عن محمد بن عمرو بن عطاء، أنه كان جالسا مع نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث، ولم يذكر أبا قتادة، قال: فإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى، فإذا جلس في الركعة الأخيرة قدم رجله اليسرى، وجلس على مقعدته
كان الصحابة رضي الله عنهم يرقبون حركات النبي صلى الله عليه وسلم وسكناته؛ حرصا منهم رضي الله عنهم على اتباع هديه صلى الله عليه وسلم في كل شيء، ونقله لمن بعدهم
وفي هذا الحديث ينقل أبو حميد الساعدي رضي الله عنه صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقول لجماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يتذاكرون سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا كنت أحفظكم لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقيل له -كما في رواية أبي داود-: فلم؟ فوالله ما كنت بأكثرنا له تبعا، ولا أقدمنا له صحبة! قال: رقبت ذلك منه حتى حفظت صلاته، يقصد: إنه وإن لم يكن أكثر صحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه عوض ذلك بمراقبة النبي صلى الله عليه وسلم حتى حفظ صلاته، ثم أخذ يحدث بصفة صلاته صلى الله عليه وسلم، فيخبر أنه صلى الله عليه وسلم كان في وقت تكبيره للإحرام يرفع يديه حذاء منكبيه، والمنكب: هو رأس الكتف المشرف منه، وفي أثناء الركوع يمكن يديه من ركبتيه، ثم يهصر ظهره، يعني: يميله في استواء من رقبته من غير تقويس، فإذا رفع رأسه من الركوع استوى حتى يعود كل فقار مكانه، والفقار جمع: فقارة، وهي عظام الظهر، والمقصود: أنه يعتدل من الركوع حتى يطمئن واقفا، وإذا سجد وضع يديه على الأرض غير مفترش ساعديه، وهو أن يمدهما كالسبع وغيره، وغير حامل بطنه على شيء من فخذيه، ولا قابضهما، يعني: ولا قابض يديه، وهو أن يضمهما إليه فيضعهما تحت بطنه، ويوجه أصابع رجليه نحو القبلة. ثم يذكر صفة قعود النبي صلى الله عليه وسلم بين السجدتين، وهي أن ينصب رجله اليمنى ويثني اليسرى ويقعد عليها، وهي الجلسة المسماة بالافتراش، أما في جلوسه للتشهد الأخير فإنه يقدم رجله اليسرى وينصب اليمنى، ويقعد على مقعدته، وهي الجلسة المسماة بالتورك
وفي الحديث: الحث على مدارسة العلم ومراجعته، والتثبت منه عند أهله. وفيه: مشروعية وصف الرجل نفسه بكونه أعلم من غيره أذا أمن الإعجاب، وأراد بيان ذلك عند غيره ممن سمعه
وفيه: بيان صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، واطمئنانه واعتداله فيها