باب من فضائل عبد الله بن سلام رضي الله تعالى عنه
بطاقات دعوية
حديث عبد الله بن سلام عن قيس بن عباد، قال: كنت جالسا في مسجد المدينة، فدخل رجل على وجهه أثر الخشوع فقالوا: هذا رجل من أهل الجنة فصلى ركعتين، تجوز فيهما، ثم خرج وتبعته، فقلت: إنك حين دخلت المسجد، قالوا: هذا رجل من أهل الجنة قال: والله ما ينبغي لأحد أن يقول ما لا يعلم وسأحدثك لم ذاك رأيت رؤيا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فقصصتها عليه ورأيت كأني في روضة (ذكر من سعتها وخضرتها) وسطها عمود من حديد، أسفله في الأرض وأعلاه في السماء في أعلاه عروة،
كان عبد الله بن سلام رضي الله عنه من أحبار اليهود وعلمائهم، وأسلم بعد قدوم النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة مهاجرا، وأقام الحجة على اليهود بأنهم قوم بهت، وشهد عليهم بذلك
وفي هذا الحديث يروي التابعي قيس بن عباد أنه كان جالسا في مسجد المدينة، فدخل عبد الله بن سلام رضي الله عنه، وعلى وجهه أثر الخشوع، فقال عنه بعض الجلوس لما رأوه: هذا رجل من أهل الجنة، وقالوا هذا مما علموه من تبشير النبي صلى الله عليه وسلم له بالجنة، فوقف عبد الله بن سلام، فصلى ركعتين خفيفتين، أتى فيهما بفرائض الصلاة دون تقصير، ثم خرج من المسجد، فتبعه قيس، وأخبره بما قيل له عنه من أنه رجل من أهل الجنة، وكأنه يستفسر عن ذلك منه، فقال عبد الله رضي الله عنه: «والله لا ينبغي لأحد أن يقول ما لا يعلم»، وفي رواية الصحيحين: «سبحان الله! ما كان ينبغي لهم أن يقولوا ما ليس لهم به علم»، فتعجب وأنكر عليهم الجزم، ولم ينكر أصل الإخبار بأنه من أهل الجنة، وهكذا يكون شأن المراقبين الخائفين المتواضعين، وحدثه بسبب قولهم هذا؛ وذلك أنه رأى نفسه في المنام في روضة خضراء، أي: حديقة خضراء، وأنها كانت واسعة جدا وشديدة الخضرة، وكان في وسطها عمود، وكان العمود ممتدا رأسيا: أسفله في الأرض، وأعلاه في السماء، وفي أعلاه عروة، وهي الحلقة، يقول عبد الله: فقيل: ارق، أي: ارتفع واصعد عليه، فتعذر له أنه لا يستطيع، فأتاني منصف، وفي رواية: «وصيف» وهو الخادم، فرفع هذا الخادم ثيابي من خلفي، فرقيت حتى كنت في أعلى العمود، فأخذت بالعروة فأمسكت بها، فقيل: استمسك وبالغ في المسك، فاستيقظت وإنها لفي يدي، أي: إن الاستيقاظ كان حال الأخذ من غير فاصل، فلم يرد أنها بقيت في يده حال يقظته، ويحتمل أن يريد أن أثرها بقي في يده بعد الاستيقاظ، كأن يصبح فيرى يده مقبوضة، فقص رؤياه تلك على النبي صلى الله عليه وسلم، ففسرها له، فقال: «تلك الروضة: الإسلام، وذلك العمود: عمود الإسلام، وتلك العروة: عروة الوثقى»؛ مأخوذة من الحبل الوثيق المحكم المأمون انقطاعه، ثم قال له صلى الله عليه وسلم: «فأنت على الإسلام حتى تموت»، وهذه بشرى عظيمة، وشهادة له أنه من أهل الجنة؛ لأن الجنة إنما يدخلها المسلمون
وفي الحديث: منقبة لعبد الله بن سلام رضي الله عنه، حيث بشر بأنه سيظل على الإسلام طوال حياته
وفيه: أن الرؤيا الصالحة تكون بشرى للمؤمن