باب من قام من مجلس فرجع فهو أحق به
سنن ابن ماجه
حدثنا عمرو بن رافع، حدثنا جرير، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه
عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا قام أحدكم من مجلسه، ثم رجع، فهو أحق به" (2)
رتَّبَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الحقوقَ والواجباتِ على النَّاسِ في الجماعاتِ، وحَرَص على بَيانِها، حِفاظًا على المودَّةِ بيْن المسْلِمين، وتَفاديًا لِبَواعثِ الشِّقاقِ والخلافِ والبغضاءِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «إذا قام أحدُكم»، وفي روايةٍ: «مَن قام مِن مَجلِسِه» الَّذي كان يَقعُدُ فيه، فقام منه؛ ليتوضَّأَ أو ليقضِيَ شُغلًا يَسيرًا، «ثُمَّ رجَع إليه» مِن وَقتٍ قَرِيبٍ، «فهو أحقُّ به»، أي: إنْ رَجَعَ إليه ووجَدَ فيه مَن جَلَس مَكانَه، فلهُ أنْ يُقِيمَه لِيَجلِسَ هو.
وعلى هذا فمَجالِسُ العلمِ والذِّكرِ والخُطَبِ في المساجدِ، لها حُقوقٌ على مَن يَتمكَّنُ مِن الانتفاعِ بها، وكلُّ جالسٍ فيها له حُقوقٌ على الدَّاخلِ عليهم، وهو أَولى بالمكانِ الَّذي جلَسَ فيه، ولا يُقِيمُه أحدٌ منه مهْما كان قَدْرُ الدَّاخلِ عليه، ولكنْ لو قامَ باختيارِه ورِضاهُ تَكريمًا لقادمٍ، ليُجلِسَه في مَكانِه؛ كان ذلك تَنازلًا وإيثارًا مَقبولًا منه، مَشكورًا عليه.