باب العين2
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا إسماعيل ابن علية، عن الجريري، عن مضارب بن حزن
عن أبي هريرة، قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "العين حق" (2)
عَلَّمنا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كَيفيَّةَ العِلاجَ مِن العَينِ والحسدِ بالرُّقيةِ الشَّرعيَّةِ؛ لِما للعينِ مِن تَأثيرٍ، وقد تُسبِّبُ الضَّررَ بحِكمةِ اللهِ تعالَى وقَدَرِه، وقدْ حذَّرَ الشَّرعُ مِن الوقوعِ فيها.
وفي هذا الحديثِ يُبيِّن النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ العَيْنَ حقٌّ، أي: أنَّ الإصابةَ بالعَيْنِ شَيءٌ ثابِتٌ مَوجودٌ، والعينُ: آفةٌ تُصيبُ الإنسانَ والحيوانَ نَتيجةَ نظْرةِ العائنِ -وهو الشَّخصُ الَّذي يُصِيبُ بعَينِه-، فيُؤثِّرُ فيه، فيَمرَضُ أو يَهلِكُ بسَببِه، «ولو كان شَيءٌ سابِقَ القَدَرَ سَبَقَتْه العَيْنُ»، المعنى: لو أَمْكَنَ أنْ يَسبِقَ القَدَرَ شَيءٌ، فيُؤثِّرَ في إفناءِ شَيءٍ وزَوالِه قبْلَ أوانِه المقدَّرِ له؛ لكان هذا الشَّيءُ الَّذِي يَسبِقُ القَدَرَ هو العَيْنَ؛ لعَظيمِ أثرِها وخَطرِها، والحديثُ جرَى مَجْرَى المبالَغةِ في إثباتِ العَيْنِ، لا أنَّه يُمكِن أنْ يَرُدَّ القَدَرَ شَيءٌ إلَّا بإرادةِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وإرادتُه سُبحانه مِنَ القَدَرِ؛ فاللهُ عزَّ وجلَّ يقولُ في كتابِه العزيزِ: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا ما كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى الله فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [التوبة: 51]،
ثُمَّ يُوجِّهُ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى تَعاونِ المُسلمِ مع أخيه المسْلمِ في دفْعِ ضَررِ العَينِ وأثرِها لِمن أُصيبَ بها؛ ومِن ذلك أنَّهم كانوا يَرَوْنَ أنْ يُؤمَرَ العائِنُ فيَغسِلَ أطرافَه وما تَحتَ الإزارِ، فيُصَبَّ الماءُ المغتسَلُ به على المَعْيُونِ، يَستَشْفون بذلك، فأمَرَهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ألَّا يَمتَنِعوا عن الاغتِسال إذا أُرِيدَ منهم ذلك، وليْس لِأَحَدٍ أنْ يُنكِرَ الخَوَاصَّ المُودَعَةَ في أمثالِ ذلك، ويَستبعِدَها مِن قُدرَةِ الله وحِكْمتِه، لا سِيَّما وقدْ شَهِد بها صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأمَرَ بها.
وفي الحديثِ: إثباتُ العَيْنِ، وأنَّها حقٌّ.
وفيه: بيانُ التداوِي مِن العَيْنِ.