باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين؛ القبل والدبر، لقوله تعالى {أوجاء أحد منكم من الغائط} 2

بطاقات دعوية

باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين؛ القبل والدبر، لقوله تعالى {أوجاء أحد منكم من الغائط} 2

 عن زَيد بن خالد أنه سألَ عثمانَ بن عفان قال: أرأَيتَ إذا جامَع [الرجلُ امرأتَه ] فلَم يُمْنِ؟ قالَ عثمانُ: يَتوضأُ كما يَتوضأُ لِلصلاةِ، ويَغسِلُ ذكَرهَ، قالَ عثمانُ: سمِعتُه من النَّبيِّ- صلى الله عليه وسلم -، فسألتُ عن ذلك عَلِيّاً والزُّبيْرَ وطلحةَ وأُبَى بن كعب؟ فأمَروه بذلك .
[وعن عروةَ بن الزبير أن أبا أيوب أخبره أنه سمع ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -].

الجَنابةُ هي الحَدَثُ الأكبرُ؛ إمَّا بِجِماعٍ، أو نُزولٍ لِمَنِيٍّ، وهي تُجهِدُ الجِسمَ كلَّه، وقد أمَرَ الشَّرعُ بالاغتِسالِ منها تَنشيطًا للجَسَدِ، وتَنظيفًا له، وإتمامًا للطَّهارةِ، وفي هذا الحديثِ أنَّ زَيدَ بنَ خالِدٍ -وهو أحدُ التَّابعينَ- سَألَ عُثْمانَ بنَ عَفَّانَ رَضيَ اللهُ عنه: هلْ هناك غُسْلٌ على مَنْ جامَعَ زَوجتَه ثُمَّ قام عنها دونَ أنْ يُنْزِلَ مَنِيًّا؟ فقال عُثْمانُ رَضيَ اللهُ عنه: يَتوضَّأُ كما يَتوضَّأ للصَّلاةِ، ويَغْسِلُ ذَكَرَهُ، مُفيدًا بذلك أنَّه ليس عليه غُسْلٌ، ثُمَّ أكَّدَ عُثْمانُ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه سَمِعَ ذلك مِن رَسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّمَ، فسَأَلَ زَيْدٌ عن جِماعِ الرَّجُلِ لزَوجتِه دونَ إنْزالٍ، عَلِيَّ بنَ أبي طالِبٍ، والزُّبَيْرَ بنَ العَوَّامِ، وطَلْحةَ بنَ عُبَيدِ اللهِ، وأبُيَّ بنَ كَعْبٍ رَضيَ اللهُ عنهم، فأَمَروه بالَّذي أَمَرَهُ به عُثْمانُ، وهو الوُضوءُ دونَ الغُسْلِ.وهذا الحُكمُ الذي في هذا الحَديثِ كان في أوَّلِ الإسلامِ، ثم نُسِخَ بما في الصَّحيحَينِ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «إذا جَلَس بيْن شُعَبِها الأَربعِ، ثمَّ جَهَدَها»، وهذا كِنايةٌ عن مُجرَّد الجِماعِ؛ «فقدْ وجَبَ الغُسلُ»، فالغُسلُ على كلِّ مَن جامَعَ امرأتَه أَنْزلَ مَنيًّا أو لم يُنزِلْ، هو الحُكمُ الذي استقرَّ عليه العَملُ في عَهدِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وبَعدَه، وقد ثَبَتَ عن جَميعِ هؤلاء الصَّحابةِ المذكورينَ أنَّهم أفْتَوا بالغُسلِ لا الوُضوءِ، حتَّى حَصَلَ إجماعُ الأُمَّةِ على وُجوبِ الغُسلِ على مَن غيَّبَ ذَكَرَه في الفَرْجِ وإنْ لم يُنزِلْ مَنِيًّا.