باب مناقب أبي محمد طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه3
سنن الترمذى
حدثنا عبد القدوس بن محمد العطار قال: حدثنا عمرو بن عاصم، عن إسحاق بن يحيى بن طلحة، عن عمه موسى بن طلحة، قال: دخلت على معاوية، فقال: ألا أبشرك؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «طلحة ممن قضى نحبه». هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث معاوية إلا من هذا الوجه
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُبشِّرُ بعضَ أصحابِه بالخيرِ في الآخرةِ؛ لِمَا لهم مِن فضْلٍ في خِدمةِ الإسلامِ، وقد كان طلحةُ بنُ عُبيدِ اللهِ مِن هؤلاء الصَّحابةِ الذين بَذَلوا أنفُسَهم للدِّفاعِ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وصَدَقوا فيما عاهَدوا اللهَ عليه، كما يُوضِّحُ هذا الحديثُ؛ حيث تَرْوي عائشةُ أمُّ المؤمنينَ رضِيَ اللهُ عنها: "أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: مَن سرَّهُ"، أي: أعجَبَه، "أنْ يَنظُرَ إلى رجلٍ يَمْشي على الأرضِ"، وهو حيٌّ، "وقد قَضى نَحْبَه"، أي: مات, بمعنى: قضى أجَلَه, واسْتَوفى مُدَّتَه, والنَّحْبُ: المدَّةُ, ويُقال للنَّذرِ أيضًا، والمُرادُ أنَّه وفَّى بنَذْرِه وعَزْمِه على أنَّه يموتُ في سبيلِ اللهِ تعالى صابرًا مُحتسِبًا، "فلْينظُرْ إلى طلحةَ"، وهو طلحةُ بنُ عُبيدِ اللهِ بن عثمان بن كعب بن تيم بن مرة؛ فإنَّه بذَلَ نفْسَه في سبيلِ اللهِ, وخاطَرَ بها حتَّى لم يَبْقَ بيْنه وبين الهلاكِ شيءٌ, فهو كمَن قُتِلَ، وذاقَ الموتَ في سبيلِ اللهِ, وإنْ كان حيًّا يَمْشي على وجْهِ الأرضِ، وقد مات وحارَبَ كما نذَرَ واسْتُشْهِدَ يومَ الجمَلِ سنةَ 36 هِجْريَّة، وقدْ كان مِن الصَّحابةِ مَن عزَموا أنَّهم إذا لَقُوا حربًا ثبَتوا حتَّى يُستَشْهَدوا، فعُدَّ طَلْحةُ ممَّن وفَّى بذلك، وهو المرادُ مِن قولِه تعالى: {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ} [الأحزاب: 23].
وفي الحديثِ: مَنقَبةٌ جليلةٌ لطَلْحةَ بنِ عُبَيدِ اللهِ رضِيَ اللهُ عنه.
وفيه: عَلَمٌ مِن أعلامِ النُّبوَّةِ؛ حيثُ ظلَّ طلحةُ رضِيَ اللهُ عنه يُجاهِدُ في سَبيلِ اللهِ حتَّى قُتِلَ شهيدًا في سبيلِ اللهِ .