باب مناقب عبد الله بن مسعود رضي الله عنه 1
بطاقات دعوية
عن عبد الرحمن بن يزيد قال: سألنا حذيفة عن رجل قريب السمت والهدي من النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى نأخذ عنه؟ فقال: ما أعرف أحدا أقرب سمتا (52)، وهديا، ودلا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - من ابن أم عبد.
كان السَّلفُ الكِرامُ رَحِمهمُ اللهُ حَريصينَ كلَّ الحِرصِ على الاقْتِداءِ برَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَولًا وفِعلًا وسَمتًا؛ امتِثالًا لقَولِ اللهِ تعالَى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} [الأحزاب: 21].
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ التَّابِعيُّ عبدُ الرَّحمنِ بنُ يَزيدَ أنَّهم سَأَلوا حُذَيْفةَ بنَ اليَمانِ رَضيَ اللهُ عنه عن رَجلٍ قَريبِ «السَّمتِ»، أي: في الهَيْئةِ الحَسَنةِ، «والهَدْيِ»، أيِ: الطَّريقةِ والمَذهَبِ، مِن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ ليُؤخَذَ ذلك عنه، وقيلَ: السَّمتُ والدَّلُّ والهَديُ عِبارةٌ عمَّا عليه الإنْسانُ مِن الوَقارِ، وقيلَ: السَّمتُ عِبارةٌ عمَّا خُلِقَ عليه الإنْسانُ مِن تَناسُبِ الأعْضاءِ، والدَّلُّ: حُسنُ الشَّمائلِ والمَنظَرِ، والهَديُ: ما يَتعلَّقُ بالدِّيانةِ.
فأجابَهم حُذَيْفةُ رَضيَ اللهُ عنه ودَلَّهم على مَن يَراهُ أجمَعَ لتلك الصِّفاتِ، فقال: «ما أعرِفُ أحَدًا أقرَبَ سَمتًا وهَديًا ودَلًّا»، أي: شَكلًا وشَمائلَ، مِن عَبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه، وأمُّ عبدٍ أمُّه، وهي بِنتُ عَبدِ وُدٍّ.
وفي الحَديثِ: مَنقَبةٌ لعبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه.
وفيه: اعْتِرافُ الصَّحابةِ رِضْوانُ اللهِ عليهم بَعضِهم لبَعضٍ بالفَضلِ تارِكينَ حُظوظَ أنْفُسِهم وشَهَواتِهم.