باب مناقب على بن أبي طالب القرشى الهاشمى أبي الحسن رضي الله عنه 2

بطاقات دعوية

باب مناقب على بن أبي طالب القرشى الهاشمى أبي الحسن رضي الله عنه 2

 عن علي رضي الله عنه قال: اقضوا كما كنتم تقضون؛ فإني أكره الاختلاف؛ حتى يكون للناس جماعة، أو أموت كما مات أصحابي.
فكان ابن سيرين يرى أن عامة ما يروى على علي الكذب.

أمَر الإسْلامُ بالاجتِماعِ، ونَهى عنِ التَّفرُّقِ والاخْتِلافِ، وقدْ عمِل الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم على تَطْبيقِ هذا المَنهَجِ القَويمِ،

وهذا المَتنُ له سَببٌ؛ وذلك أنَّ عَلِيَّ بنَ أبي طالبٍ رَضيَ اللهُ عنه لَمَّا قَدِم العِراقَ، وسَأَله أهْلُها عن رَأيِه في أمِّ الوَلدِ؛ هلْ تُباعُ أو لا؟ -وأُمَّهاتُ الأوْلادِ هنَّ الإماءُ المَملوكاتُ اللَّاتي وَطِئَهنَّ أسْيادُهنَّ ومالِكوهنَّ، فحمَلْنَ وولَدْنَ- فأخبَرَهم أنَّ رَأيَه كرَأيِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنه في عَدمِ بَيعِ أمَّهاتِ الأوْلادِ، وأنَّهنَّ يُعتَقْنَ بعْدَ وَفاةِ السَّيِّدِ والمالِكِ؛ وذلك لأنَّ الابنَ المَوْلودَ يَكونُ سَببًا في عِتقِ أُمِّه، وأنَّه رجَعَ عنه، فرأَى أنْ يُرِقَّهنَّ، ويَبقَيْنَ ضِمنَ مالِ السَّيِّدِ بعْدَ مَوتِه ولا يُعتَقْنَ. وورَد عندَ البَيْهَقيِّ في الكُبْرى أنَّ التَّابِعيَّ عَبيدةَ السَّلْمانيَّ قال لعَليٍّ رَضيَ اللهُ عنه: «رأيُكَ ورَأيُ عُمَرَ في الجَماعةِ أحَبُّ إلَيَّ مِن رَأيِكَ وَحْدَكَ في الفُرْقةِ»، أي: إنِّي آخُذُ بفَتْواكَ الَّتي وافقَتْ فَتْوى عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنه في الجَماعةِ، وأترُكُ رَأيَكَ وَحْدَكَ إذا كُنتَ مُفتَرِقًا، فقال له عَلِيٌّ رَضيَ اللهُ عنه: اقْضوا كما كُنْتم تَقْضونَ قَبلُ؛ فإنِّي أكرَهُ الاخْتِلافَ، أي: الاخْتِلافَ على الشَّيخَينِ، أو الاخْتِلافَ الَّذي يُؤدِّي إلى التَّنازُعِ والفِتَنِ، وإنَّما فعَل علِيٌّ رَضيَ اللهُ عنه ذلك لمَّا وجَد مَن يرُدُّ عليه قَولَه، فكَرِه الخِلافَ؛ لأنَّه لا يَأْتي إلَّا بالشَّرِّ والتَّفرُّقِ، وحتَّى يَجتَمِعَ النَّاسُ على قَولِ الجَماعةِ. وقَولُه: «أو أموتَ كما مات أصْحابي»، أي: إلى أنْ أموتَ كما مات أصْحابي على الحَقِّ والهِدايةِ، والمُرادُ مَن سبَقَه مِن الخُلَفاءِ الرَّاشِدينَ.
وفي الحَديثِ: فَضلٌ ومَنقَبةٌ لعَلِيِّ بنِ أبي طالبٍ رَضيَ اللهُ عنه.