باب: موالاة المؤمنين ومقاطعة غيرهم والبراءة منهم
بطاقات دعوية
حديث عمرو بن العاص، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم جهار
ا غير سر يقول: إن آل أبي فلان ليسوا بأوليائي، إنما وليي الله وصالح المؤمنين، ولكن لهم رحم أبلها ببلالها يعني أصلها بصلتها
أقام الإسلام بين أتباعه رابطة تعلو رابطة النسب، وهي أخوة الدين، وصار الولاء بمعنى النصرة والمحبة والإكرام للمؤمن تجاه أخيه المؤمن، وليس لأخوة النسب في ذلك شيء إلا ما شرعه الإسلام من صلة، وما أوجده من حقوق
وفي هذا الحديث يحكي عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول جهارا مسموعا غير سر، فلم يجهر به مرة ويخفيه أخرى، بل أظهره وجعله أمرا معلوما واضحا: «إن آل أبي ليسوا بأوليائي»- يعني: إن آل أبي طالب، وهم قريش؛ وقد حذف المضاف إليه عمدا، وفي بعض الروايات في صحيح مسلم: «قال: يعني فلانا»، وهي كناية من بعض الرواة؛ خشي أن يسميه، فيترتب عليه مفسدة وفتنة؛ إما في حق نفسه، وإما في حقه وحق غيره، فكنى عنه
قال عمرو -وهو ابن عباس شيخ البخاري-: في كتاب غندر محمد بن جعفر شيخ عمرو بن عباس «بياض»، يعني في الكتاب بعد قوله: «آل أبي» موضع أبيض بدون كتابة، أي: من لم يسلم منهم فليس من أوليائه صلى الله عليه وسلم، فهو من إطلاق الكل وإرادة البعض «إنما وليي الله وصالح المؤمنين»، أي: من أحسن وعمل صالحا، والمعنى: إنما وليي من كان صالحا وإن بعد نسبه مني، وليس وليي من كان غير صالح وإن كان نسبه قريبا مني، فلا أوالي أحدا بالقرابة، وإنما أحب الله؛ لما له من الحق الواجب على العباد، وأحب صالح المؤمنين لوجه الله، وأوالي من أوالي بالإيمان والصلاح، سواء كان من ذوي رحمي أو لا، ولكن أراعي لذوي الرحم حقهم بصلة الرحم
ويحكي عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «ولكن لهم»، أي: لآل أبي رحم قرابة، «أبلها ببلالها»، يعني: أصلها بصلتها، وشبه الرحم بأرض إذا بلت بالماء حق بلالها أزهرت وأثمرت، ورئي في أثمارها أثر النضارة، وأثمرت المحبة والصفاء، وإذا تركت بغير سقي يبست وأجدبت، فلم تثمر إلا العداوة والقطيعة