باب هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه إلى المدينة 5

بطاقات دعوية

باب هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه إلى المدينة 5

عن أسماء رضي الله عنها أنها حملت بعبد الله بن الزبير [بمكة / 216]، قالت: فخرجت وأنا متم (76)، فأتيت المدينة، فنزلت ب (قباء)، فولدته ب (قباء)، ثم أتيت به النبي - صلى الله عليه وسلم -، فوضعته في حجره، ثم دعا بتمرة فمضغها، ثم تفل في فيه، فكان أول شيء دخل جوفه ريق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم حنكه بتمرة (وفي رواية: فأخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - تمرة فلاكها، ثم أدخلها في فيه)، ثم دعا له وبرك عليه، وكان أول مولود ولد في الإسلام، [ففرحوا به فرحا شديدا؛ لأنهم قيل لهم: إن اليهود قد سحرتكم، فلا يولد لكم".

كانتِ الهِجْرةُ إلى المَدينةِ النَّبويَّةِ واجِبةً على المُسلِمينَ في بِدايةِ الإسْلامِ؛ حتَّى يَفِرُّوا بدِينِهم مِن دِيارِ الكُفرِ، ويَنْصُروا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ويَنشُروا دَعْوةَ الحَقِّ، وقدْ بادَرَ كلُّ مُستَطيعٍ مِن المُسلِمينَ إلى الهِجْرةِ، وبَذَلوا في ذلك تَضْحيَّاتٍ كَثيرةً، أضافَت لهم فَضلًا إلى فَضلِهم.
وفي هذا الحَديثِ تُخبِرُ أسْماءُ بنتُ أبي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنهما: أنَّها هاجَرَتْ إلى المَدينةِ لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهي حامِلٌ بعَبدِ اللهِ بنِ الزُّبَيرِ رَضيَ اللهُ عنهما، وكانت مُتِمًّا، أي: قد أتمَّتْ شُهورَ الحَملِ، وتَنتَظِرُ الوِلادةَ، فنزَلَتْ بقُباءٍ في المَدينةِ، فوضَعَتْ عبدَ اللهِ بنَ الزُّبَيرِ رَضيَ اللهُ عنه، وقُباءٌ: قَريةٌ على بُعدِ ميلَيْنِ أو ثَلاثةٍ مِنَ المَدينةِ، نزَل فيها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عندَ دُخولِ المَدينةِ النَّبويَّةِ في الهِجرةِ، وبَنى فيها مَسجِدَه الشَّهيرَ مَسجِدَ قُباءٍ، وهو أوَّلُ مَسجِدٍ بُنيَ في الإسْلامِ.
فأتَتْ به النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فدَعا بتَمْرةٍ، فمضَغَها، ثمَّ تَفَل صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ -أي: بصَق- في فَمِه، فكان أوَّلَ شَيءٍ دخَلَ جَوفَ عبدِ اللهِ بنِ الزُّبيرِ رِيقُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثمَّ حنَّكَه بالتَّمْرةِ، والتَّحْنيكُ هو: أنْ يضَعَ مِن حَلاوةِ التَّمْرةِ بعْدَ مَضْغِها شَيئًا مِن هذا الرِّيقِ في حَنَكِ الصَّبيِّ، وهو سُنَّةٌ عنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ للمَوْلودِ، ودَعا له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالبَرَكةِ، وهي النَّماءُ والزِّيادةُ في الخَيرِ، فكان عبْدُ اللهِ بنُ الزُّبَيرِ رَضيَ اللهُ عنه أوَّلَ مَولودٍ في الإسْلامِ، أي: كان أوَّلَ مَن وُلِدَ في الإسلامِ للمُهاجِرينَ بالمَدينةِ النبويَّةِ بعدَ الهِجرةِ مِن مَكَّةَ إلى المَدينةِ، وقد فَرِح المسلِمونَ به فرحًا شديدًا؛ لأنَّهم قيل لهم: إنَّ اليهودَ قدْ سَحرَتْكُم؛ فلا يُولَدُ لكم؛ فأُبْطِلَ هذا الأمرُ بمِيلادِ عَبدِ اللهِ بنِ الزُّبَيرِ رَضيَ اللهُ عنهما.
وفي الحَديثِ: فَضائلُ ظاهِرةٌ لعَبدِ اللهِ بنِ الزُّبَيرِ، وأُمِّه أسْماءَ بنتِ أبي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنهم.
وفيه: مَشروعيَّةُ تَحْنيكِ المَوْلودِ، والدُّعاءِ له.