باب وضع الماء عند الخلاء
بطاقات دعوية
عن ابن عباس أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - دخلَ الخَلاءَ، فوَضعتُ له وَضوءًا، قالَ: "مَن وضَع هذا؟ "، فأُخبرَ، فقالَ:
" اللهم فقِّهه في الدِّين".
هذا الحَديثُ مِن فَضائلِ ابنِ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما، وفيه يُخبِرُ أنَّه أحضَرَ للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الماءَ لِيَتوضَّأَ، فسَأَلَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ -بعدَ أنْ خرَجَ من الخَلاءِ، وهو اسمٌ يُطلَقُ على كلِّ مَوضِعٍ تُقْضى فيه الحاجةُ؛ بَوْلًا كان أو غائِطًا- عمَّن وضَعَ الماءَ له، فأُخبِرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه ابنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما، والمُخبِرُ خالتُه مَيمونةُ رَضيَ اللهُ عنها؛ لأنَّ ذلك كان في بَيتِها، كما في رِوايةِ أحمَدَ، وظاهرُه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لم يَطلُبْ ماءً، وإنَّما كان ابنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما هو المُبادِرَ بوَضْعِ الماءِ فِطنةً منه وذَكاءً إثْرَ تَتبُّعِه عادةَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عندَ خُروجِه مِن الخَلاءِ ونحْوِه؛ ولذلك دَعا له النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال: «اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ»، أي: ارْزُقْه الفَهمَ والفِطنةَ في مَسائلِ الشَّرعِ، ومُناسَبةُ الدُّعاءِ له بالفِقهِ في الدِّينِ حُسْنُ تَصرُّفِه الذي يدُلُّ على ذَكائِه، وسُرورًا مِن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بانتباهِه إلى وَضْعِ الماءِ عندَ الخَلاءِ، وقد ظَهَرتْ على عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنه برَكاتُ هذه الدَّعوةِ، فاشتَهَرتْ عُلومُه وفَضائلُه، وهو مِن الصَّحابةِ المُكثِرينَ في الرِّوايةِ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ فقد روَى ما يَقرُبُ مِن ألْفٍ وسِتِّ مِئةٍ وستِّين حديثًا، وكان عمرُ رَضيَ اللهُ عنه يَرجِعُ إليه في المسائلِ الكبيرةِ.وفي الحديثِ: المُكافَأةُ بالدُّعاءِ لِمَن كان منه إحسانٌ، أو عَونٌ، أو مَعروفٌ.وفيه: مَشروعيَّةُ خِدمةِ العالِمِ بغَيرِ أمْرِه ومُراعاتِه.