باب {وما يهلكنا إلا الدهر} الآية.
بطاقات دعوية
- عن أبى هريرة - رضى الله عنه -؛ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم:
«قال الله عز وجل: يؤذينى ابن آدم؛ يسب الدهر، وأنا الدهر، بيدى الأمر، أقلب الليل والنهار».
لمَّا جاء الإسلامُ نَهَى عن كلِّ العاداتِ السَّيِّئةِ التي كانتْ في الجاهليَّةِ -وهي فتْرةُ ما قبْل الإسلامِ-، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُغيِّرُ بعضَ الأسماءِ الموروثةِ مِن الجاهليَّةِ؛ لِيُصحِّحَ المفاهيمَ، ويُبعِدَ العُقولَ والقُلوبَ عن ارتباطِها بأسماءَ تَحمِلُ صِفاتٍ وَهميَّةً مُرتبِطةً باعتقاداتٍ فاسدةٍ.
وفي هذا الحديثِ القُدسيِّ يَقولُ رَبُّ العِزَّةِ سُبحانه: «يُؤذيني ابنُ آدَمَ»، بِأن يَنسُبَ إليه سُبحانه ما لا يَليقُ بجَلالِه، «يَسُبُّ الدَّهرَ»، أي: يَشتُمُ الزَّمانَ قَلَّ أو كَثُرَ، فَيَقولُ عِندَ النَّوازِلِ والحَوادِثِ والمَصائِبِ النَّازِلةِ به؛ مِن مَوتٍ عَزيزٍ، أو تَلَفِ مالٍ، أو غيرِ ذَلِكَ: يا خَيْبةَ الدَّهرِ، أو بُؤسًا لِلدَّهرِ، وَتَبًّا لَهُ، ونحْو ذلك.
ثم يقولُ الحَقُّ سُبحانَه: «وَأنا الدَّهرُ» أي: خالِقُهُ، «بيَدي الأمرُ» الَّذي يَنسُبونَهُ إلى الدَّهرِ، «أُقَلِّبُ اللَّيلَ والنَّهارَ»، يَعني: أنَّ ما يَجري فيهِما مِن خَيرٍ وَشَرٍّ بِإرادةِ اللهِ وتَدبيرِهِ، وَبِعِلمٍ مِنهُ تعالَى وَحِكمةٍ، لا يُشارِكُهُ في ذلكَ غَيرُه، ما شاءَ كانَ، وما لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ.
والمرادُ أنَّ سَبَّ الدَّهرِ خَطَأٌ؛ لأنَّ اللهَ هو المُتَصَرِّفُ بالدَّهْرِ؛ فحَقيقةُ السَّبِّ تَعودُ إلى اللهِ عَزَّ وجَلَّ؛ فمَن سَبَّ السَّبَبَ، فكَأنَّه سَبَّ الخالِقَ المُسبِّبَ.
وفي الحَديثِ: دَعوةٌ لِلتَّأدُّبِ مع اللهِ سُبحانه في القَولِ والاعتِقادِ.