باب قوله: {ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون}
بطاقات دعوية
عن صفوان بن يعلى عن أبيه قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ على المنبر: " {ونادوا يا مالك -[قال سفيان: في قراءة عبد الله: {ونادوا يا مال} 4/ 83]- ليقض علينا ربك} ".
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُكثِرُ مِن قِراءةِ القُرآنِ في خُطَبِه استدلالًا وتَشريعًا ومَوعِظةً، ونَقَلَ الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم كلَّ مُواصَفاتِ خُطَبِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، كما في هذا الحديثِ؛
فيَرْوي يَعلَى بنُ أُمَيَّةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه سَمِعَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو يَخطُبُ على المِنبرِ ويَقرَأُ قَولَ اللهِ تعالَى: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ} [الزخرف: 77]. ومالكٌ هو خازنُ النَّارِ، أعاذنَا اللهُ منها، وقد أخبَرَ المولَى تبارَكَ وتعالَى أنَّ الكفَّارَ لَمَّا يَطولُ عليهمُ العذابُ في جَهنَّمَ يَتمنَّون الموتَ، وهو بَعيدٌ عنهم مُحالٌ عليهم، فَيُنادُونَ على خازنِ النَّارِ ويَطلُبونَ منه أنْ يُميتَهمُ اللهُ تعالَى؛ لِيسْتريحوا مِن عَذابِها وشَقائِها، فَيأتيهمُ الرَّدُّ بِأنَّهم خالِدون فيها أبَدَ الآبدينَ؛ {قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} [الزخرف: 77]، فيَنقطِعُ أمَلُهم ولا يُسمَعُ لهم بعْدَها إلَّا شَهيقٌ وزَفيرٌ في حرِّها، عافانا اللهُ منها بِفضلِه وكرَمِه.
وأخبَرَ سُفيانُ بنُ عُيَينةَ أنَّ قِراءةَ عبْدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه: (ونَادَوْا يَا مَالِ) بحذْفِ الكافِ، وهو ما يُعرَفُ بِالتَّرخيمِ، وهي قِراءةٌ شاذَّةٌ لا يُقرَأُ بها في الصَّلاةِ، وفيها إشعارٌ بأنَّهم -لضَعْفِهم- لا يَستطيعونَ تَأديةَ اللَّفظِ بالتَّمامِ.