باب: ومن سورة هود3
سنن الترمذى
حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا قيس بن الربيع، عن عثمان بن عبد الله بن موهب، عن موسى بن طلحة، عن أبي اليسر، قال: أتتني امرأة تبتاع تمرا، فقلت: إن في البيت تمرا أطيب منه، فدخلت معي في البيت، فأهويت إليها فتقبلتها، فأتيت أبا بكر فذكرت ذلك له قال: استر على نفسك وتب ولا تخبر أحدا، فلم أصبر فأتيت عمر فذكرت ذلك له، فقال: استر على نفسك وتب ولا تخبر أحدا، فلم أصبر، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال: «أخلفت غازيا في سبيل الله في أهله بمثل هذا» حتى تمنى أنه لم يكن أسلم إلا تلك الساعة حتى ظن أنه من أهل النار. قال: وأطرق رسول الله صلى الله عليه وسلم طويلا حتى أوحى الله إليه {وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل} [هود: 114]- إلى قوله - {ذكرى للذاكرين} [هود: 114]. قال أبو اليسر: فأتيته فقرأها علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أصحابه: يا رسول الله، ألهذا خاصة أم للناس عامة؟ قال: «بل للناس عامة»: " هذا حديث حسن غريب، وقيس بن الربيع ضعفه وكيع وغيره. وأبو اليسر هو: كعب بن عمرو " وروى شريك، عن عثمان بن عبد الله، هذا الحديث مثل رواية قيس بن الربيع. وفي الباب عن أبي أمامة، وواثلة بن الأسقع، وأنس بن مالك
مِنَ الوَسائِلِ التي تُساعِدُ الإنسانَ على التَّوبةِ: أنْ يَحرِصَ على مُضاعَفةِ الأعمالِ الصَّالِحةِ وتَكثيرِها؛ حتى تَغلِبَ على حَياتِه وقَلبِه، ومِن هذه الوَسائِلِ التي تُكفِّرُ السَّيِّئاتِ الصَّلاةُ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عَبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رَجُلًا قَبَّلَ امرأةً لا تَحِلُّ له، فأتى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأخبَرَه بما جَرَى، فأنزَلَ اللهُ هذه الآيةَ: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ} [هود: 114]، أيْ: أقمِ الصَّلاةَ المفروضةَ في أوَّلِ النَّهارِ وآخرِه، وهي: صلاةُ الفجرِ والظُّهرِ والعصرِ، {وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ}، أيْ: وأقِمِ الصَّلاةَ أيضًا في ساعاتٍ مِن الليلِ، وهي صلاةُ المغربِ والعشاءِ، {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}: إنَّ الأعمالَ الصَّالحةَ مِن الصَّلاةِ وغَيرِها تُكفِّرُ صَغائرَ الذُّنوبِ، فسَأَلَ الرَّجُلُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال: يا رَسولَ اللهِ، هل الحُكمُ خاصٌّ بي وَحدي؟ فقالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لِجَميعِ أُمَّتي كُلِّهم.
وفي هذا تَأكيدٌ مِنَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَعدَ تَأكيدٍ؛ لِيَشمَلَ هذا المَوجودينَ والمَعدومينَ، يَعني: هذا لهم، وأنتَ منهم.وهذا التَّكفيرُ للذُّنوبِ خاصٌّ بالصَّغائِرِ، أمَّا الكَبائِرُ فإنَّها تَحتاجُ إلى تَوبةٍ تامَّةٍ، بشُروطِها.
وفي الحَديثِ: بَيانُ مَدى رَحمةِ اللهِ بعِبادِه، وأنَّه يَقبَلُ التائِبينَ.