باب: ومن سورة الكهف
سنن الترمذى
حدثنا يحيى بن موسى قال: حدثنا معلى بن منصور قال: حدثنا محمد بن دينار، عن سعد بن أوس، عن مصدع أبي يحيى، عن ابن عباس، عن أبي بن كعب: " أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: {في عين حمئة} [الكهف: 86] ": «هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. والصحيح ما روي عن ابن عباس قراءته. ويروى أن ابن عباس وعمرو بن العاص اختلفا في قراءة هذه الآية وارتفعا إلى كعب الأحبار في ذلك، فلو كانت عنده رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم لاستغنى بروايته ولم يحتج إلى كعب»
في هذا الحديثِ بَيانٌ لقُدرةِ اللهِ تعالى في تَسْييرِ أمرِ الشَّمسِ؛ حيثُ يَقولُ أبو ذَرٍّ الغِفاريُّ رَضِي اللهُ عنه: "كنتُ رَديفَ"، أي: أرْكَبُ خَلْفَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم وهو على حِمارٍ، والشَّمسُ عِندَ غُروبِها، أي: في وقتِ غُروبِها، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم لأبي ذَرٍّ: "هل تَدْري أَينَ تَغرُبُ هذه؟"، أي: تَذهَبُ للغُروبِ بأمرِ اللهِ تعالى، وهو سؤالٌ أرادَ منه النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم بيانَ قدرةِ اللهِ تعالى لأبي ذَرٍّ، وحتَّى يتَهيَّأَ ويستَعِدَّ لِمَعرفةِ الجوابِ، "قلتُ: اللهُ ورسولُه أعلَمُ"، وهذا شأنُ مَن لَم يَعلَمْ؛ ألَّا يتَقدَّمَ بينَ يدَيِ اللهِ ورَسولِه بشيءٍ ما دامَ جاهلًا به، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: "فإنَّها تَغرُبُ في عينٍ حاميةٍ"، أي: عندَ عينٍ حاميةٍ، أو في نِهايَتِها؛ فعِندَما يُنظَر إلى الشَّمسِ وقتَ الغُروبِ تُرَى رأْيَ العينِ كأنَّها تَسقُطُ في بَحرٍ، وكلُّ هذا وهي تَدورُ في فَلَكِها، وغُروبُها سجودٌ للهِ تعالى تَستأذِنُه في الغُروبِ، فوَضْعُها في رأْيِ العينِ إلى أسفَلَ جديرٌ بأَنْ يُسمَّى سُجودًا؛ لأنَّ الشَّمسَ مُنْقادةٌ لأمرِ اللهِ تعالى.