باب: ومن سورة هود
سنن الترمذى
حدثنا الحسين بن محمد البصري قال: حدثنا عبد الله بن حفص قال: حدثنا ثابت البناني، عن شهر بن حوشب، عن أم سلمة: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرؤها (إنه عمل غير صالح)»: «هذا حديث قد رواه غير واحد عن ثابت البناني، نحو هذا وهو حديث ثابت البناني» وروي هذا الحديث أيضا عن شهر بن حوشب، عن أسماء بنت يزيد، قال: وسمعت عبد بن حميد، يقول: «أسماء بنت يزيد هي أم سلمة الأنصارية»: «كلا الحديثين عندي واحد، وقد روى شهر بن حوشب غير حديث عن أم سلمة الأنصارية وهي أسماء بنت يزيد»، وقد روي عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا
نزَل القرآنُ على سَبعةِ أَحرُفٍ؛ للتَّيسِيرِ على النَّاسِ، ومِن هذه القِراءاتِ ما يَقتصِر على التَّوضِيحِ والتَّفسيرِ، وكلُّ ذلك بيانٌ لعظمةِ الله سُبحانه وتَعالَى.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ شَهْرُ بنُ حَوْشَبٍ: "سألتُ أُمَّ سَلَمَةَ: كيف كان رسولُ الله صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم يقرَأُ هذه الآية"، أي: كيف كان يَضبِط حروفَها: "{إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ}؟"، أي: بفَتحِ الميمِ وضَمِّ اللَّامِ وتَنوِينِها في "عمَلٌ"، وضَمِّ الرَّاء في "غيرُ"، والمعنَى عَلى هَذهِ القراءةِ: سؤالُك وطلبُك نجاةَ ولدِك عَمَلٌ غيرُ صالِحٍ.
فأجابَتْه أُمُّ سَلَمَةَ، قالتْ: "قرَأها: ((إِنَّهُ عَمِلَ غَيْرَ صَالِحٍ))"، أي: بِكَسْرِ الميمِ وفتحِ اللامِ في "عمِلَ" على أنَّه فِعلٌ مَاضٍ، وفَتْحِ الرَّاءِ في "غيرَ"، والمعنَى على هذه القراءةِ: أنَّ ابنَك قد عَمِلَ عَمَلًا غَيْرَ صالِحٍ؛ مِنَ الإشراكِ باللهِ، وعدمِ الإيمانِ، وكِلَا الضَّبطَيْن يوضِّح معنَى الآيةِ ويبيِّنه، وكِلَاهُما قرَأ به النَّبِيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم.
ولعلَّ جوابَ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها يعنِي: أنَّ أكثرَ قِراءتِه لتلكَ الآيةِ كان بِكَسْرِ الميمِ وفتحِ اللامِ في "عَمِلَ" وفتحِ الرَّاءِ في "غيرَ"، أو: أنَّه صلَّى اللهُ عَلَيْه وسلَّم كان يَقرَؤُها هكذا، وعلَّمها بالوجْهَيْنِ، فلا يكونُ كاتِمًا لباقِي أَوجُهِ القرآنِ.
وفي الحَدِيثِ: سُؤالُ التابعين أُمَّهاتِ المؤمنين فيما أَشْكَلَ عليهم.
وفيه: تعليمُ المرأةِ العالِمَةِ الرَّجُلَ، مع اتِّخاذِ أسبابِ التحرُّزِ؛ مِثل: الحِجابِ، وعدمِ الخَلْوةِ.
وفيه: نزولُ القرآنِ على أَحرُفٍ وقراءاتٍ لا يُضادُّ بعضُها بعضًا