بيان غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه وأن من قتل نفسه بشيء عذب به في النار

بطاقات دعوية

بيان غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه وأن من قتل نفسه بشيء عذب به في النار

 حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: شهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، فقال لرجل ممن يدعي الإسلام: هذا من أهل النار، فلما حضر القتال قاتل الرجل قتالا شديدا [ص:22] فأصابته جراحة، فقيل يا رسول الله الذي قلت إنه من أهل النار فإنه قد قاتل اليوم قتالا شديدا، وقد مات، فقال صلى الله عليه وسلم: إلى النار قال فكاد بعض الناس أن يرتاب؛ فبينما هم على ذلك إذ قيل إنه لم يمت ولكن به جراحا شديدا، فلما كان من الليل لم يصبر على الجراح فقتل نفسه: فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال: الله أكبر أشهد أني عبد الله ورسوله، ثم أمر بلالا فنادى في الناس: إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، وإن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر

أطلع الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم على بعض الغيب من أحوال الناس في الدنيا والآخرة دليلا من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم
وفي هذا الحديث يخبر أبو هريرة رضي الله عنه أن الصحابة رضي الله عنهم حضروا غزوة خيبر مع النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت في السنة السابعة من الهجرة، وفيها غزا النبي صلى الله عليه وسلم اليهود، وهي الآن مدينة تتبع منطقة المدينة المنورة، وتبعد عنها 153 كم إلى الشمال، فأخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شأن رجل ممن شارك معهم في الحرب ويدعي الإسلام ويظهر لمن حوله أنه مسلم، فأخبرهم أنه مكتوب في أهل النار، وسيختم له بعمل أهلها! وهذا الرجل قيل: اسمه قزمان، فلما حضر القتال بين المسلمين ويهود خيبر، قاتل الرجل قتالا شديدا، وكثرت به الجراح، حتى أقعدته وأمرضته، فجاء رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان من هذا الرجل من قتاله الشديد وأنه قد جرح جروحا شديدة، وهذا على سبيل الاستفهام لا الإنكار على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فكيف بمثل من يقاتل في سبيل الله عز وجل وهو مسلم أن يكون من أهل النار؟! فأكد له النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا الرجل من أهل النار حتى بعدما بذله في أرض المعركة وما فعلت به الجروح، فأخبر أبو هريرة رضي الله عنه أن بعض الناس كاد يصيبهم الشك في صدق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، فبينما الرجل على ما أصابه من جراح. وفي رواية في الصحيحين: «فبينما هم على ذلك»، أي: الذين يراجعون رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله في الرجل، إذ أحس الرجل بألم الجروح والإصابات التي أصابته، فلم يتحملها، فتوجه بيده ومدها نحو الكنانة -وهي وعاء من الجلد تحفظ فيه السهام- فانتزع منها سهما، فقتل نفسه به مستعجلا الموت، فأسرع رجال من المسلمين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بخبر الرجل، وذكروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم صدق حديثه، وأن الرجل قد قتل نفسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم -كما في الصحيحين-: «الله أكبر، أشهد أني عبد الله ورسوله»، وأمر بلال بن رباح مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم أن يقوم ويعلم الناس بصوت مرتفع وينادي فيهم: «لا يدخل الجنة إلا مؤمن»، أي: لا يدخل الجنة إلا من آمن بالله، وشهد لمحمد بالرسالة، وعمل بمقتضى هذا الإيمان، وأن يعلم الناس أن الله يقوي ويدعم الإسلام بأعمال الرجل الفاجر، ويكون فيها خير لهذا الدين، ودعم وقوة له؛ كقتاله للكفار قتالا شديدا، ولا ينفي ذلك عنه صفة فجوره، ولا يبيح له استحلال ما حرم الله؛ كقتل النفس، أو ما شابه، والفجور: استحلال المعاصي والمحرمات وممارستها
وفي الحديث: أن الأعمال بالخواتيم، وأن الله تعالى يعلم خواتيم العباد وإن ظهر منهم عكس ما ختم لهم به
وفيه: تحذير من الاغترار بظاهر العمل مهما عظم
وفيه: بيان عظمة الإسلام، ومكانته الرفيعة؛ حيث جعله الله تعالى مؤيدا، ومؤزرا بأهله، وبغير أهله
وفيه: ألا يجزم أحد لأحد من الناس بالجنة ولا بالنار، بسبب ما يراه من حال الإنسان من خير أو شر، إلا لمن حكم له النبي صلى الله عليه وسلم