بيع الذهب بالذهب 2
سنن النسائي
أخبرنا حميد بن مسعدة، وإسماعيل بن مسعود قالا: حدثنا يزيد وهو ابن زريع قال: حدثنا ابن عون، عن نافع، عن أبي سعيد الخدري قال: بصر عيني، وسمع أذني، من رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر: «النهي عن الذهب بالذهب، والورق بالورق، إلا سواء بسواء مثلا بمثل، ولا تبيعوا غائبا بناجز، ولا تشفوا أحدهما على الآخر»
أحلَّ اللهُ سُبحانه وتعالَى البَيعَ والشِّراءَ لِعبادِه المسلِمينَ، وحرَّمَ عليهمُ الرِّبَا؛ فقال تعالَى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275]
وفي هذا الحديثِ يَنهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن صُوَرِ الرِّبا في الذَّهبِ والفِضَّةِ، ويُوجِّهُ لطُرقِ البيعِ والشِّراءِ فيها مع اجتنابِ الوُقوعِ في الحرامِ؛ فقال: «لا تَبِيعوا الذَّهَبَ بالذَّهبِ إلَّا مِثلًا بمِثْلٍ»، يَعنِي: بِلا زِيادةٍ وتَفاضُلٍ، «ولا تُشِفُّوا بعضَها على بعضٍ»، يَعنِي: لا تَزيدوا أحدَ العِوَضينِ على الآخَرِ، فلا يُباعُ عِشرونَ جِرامًا بثَلاثينَ مِثلًا، فكُلُّ زِيادةٍ هي رِبًا، وكذلك الأمرُ في الوَرِقِ، وهو الفِضَّةُ، ثُمَّ قال: «ولا تَبِيعوا منها غائِبًا بناجِزٍ»، يَعنِي: لا تَبيعوا غائبًا مُؤَجَّلًا بحاضِرٍ نَقدِيٍّ
ويُقاسُ عليها كلُّ ما وافَقَها في العِلَّةِ، والعِلَّةُ في الذَّهبِ والفِضَّةِ هي الثَّمنِيَّةُ، فكُلُّ ما اعتُبِرَ ثَمنًا للأشياءِ يَأخُذُ حكْمَ الذَّهبِ والفِضَّةِ في كَونِه مِن الأموالِ التي يَجْري فيها رِبا البيوعِ، مِثلُ العُملاتِ الوَرقيَّةِ المعاصِرةِ
فيُشترَطُ في بَيعِ الجنسِ بجِنسِه المُماثَلةُ والتَّقابُضُ في مَجلسِ العقْدِ. وإذا اختَلَفَ الجِنسُ وبَقِيَت العِلَّةُ -مِثلُ بَيعِ الذَّهبِ بالفِضَّةِ- فلا يُشترَطُ التَّماثُلُ، ويُشترَطُ فقَطِ التَّقابُضُ في مَجلسِ البيعِ؛ لقولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في صَحيحِ مُسلمٍ: «فإذا اختَلَفَت هذه الأصنافُ، فبَيِعوا كَيف شِئتُم، إذا كان يَدًا بيَدٍ»