تأويل قول الله عز وجل: {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} 2
سنن النسائي
أخبرنا محمد بن إسمعيل بن إبراهيم، قال: حدثنا يزيد، قال: أنبأنا ورقاء، عن عمرو بن دينار، عن عطاء، عن ابن عباس، في قوله عز وجل: {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} [البقرة: 184] " يطيقونه: يكلفونه، فدية: طعام مسكين واحد، فمن تطوع خيرا طعام مسكين آخر ليست بمنسوخة فهو خير له، وأن تصوموا خير لكم، لا يرخص في هذا إلا للذي لا يطيق الصيام أو مريض لا يشفى "
في هذا الحَديثِ بَيانُ أنَّ الصَّحابةَ رَضيَ اللهُ عنهُم في أوَّلِ أمرِ الصِّيامِ لَم يَكونوا قدْ تَدرَّبوا على الصِّيامِ، فَلمَّا أُمِروا به رَحمةً مِنَ اللهِ سُبحانَه بِهم، كانَ الخيارُ: إمَّا أنْ يَصوموا، وإمَّا أنْ يُفطِروا ويُطعِموا مَكانَ كُلِّ يَومٍ مِسكينًا
فيَقولُ سَلمةُ بنُ الأكْوَعِ رَضي اللهُ عنهُ: لمَّا نَزلَت آيةُ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184]، أي: مَن يُطيقونَ الصَّومَ ولَيسَ لَهُم عُذرٌ، وهُمُ الأصحَّاءُ ومَن لَيسَ بِهِم مَرَضٌ أو عِلَّةٌ، فَفديَةُ ذَلكَ إطعامُ مِسكينٍ عَن كُلِّ يَومٍ، فَكانَ مَن أرادَ أنْ يُفطِرَ يَفتَدي بأن يُطعِمَ مِسكينًا عن كُلِّ يومٍ، وكانَ هذا الأمرُ في بَدءِ الإسلامِ، حتَّى نَزلَتِ الآيَةُ الَّتي بعْدَها، وهيَ: 1{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 85] الآيَةَ، فنَسخَتِ تَخييرَ القادرِ في الصِّيامِ أو عَدَمِه، وصارَ الصِّيامُ فرْضًا على الكلِّ إلَّا مَن لم يَستطِعْ