تأويل قول الله عز وجل: {ولقد آتيناك سبعا من المثاني، والقرآن العظيم} [الحجر: 87] 3
سنن النسائي
أخبرني محمد بن قدامة قال: حدثنا جرير، عن الأعمش، عن مسلم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: «أوتي النبي صلى الله عليه وسلم سبعا من المثاني السبع الطول»
القرآنُ كتابُ اللهِ المُنزَّلُ الَّذي أنعَمَ به على النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأمَّتِه؛ فبيَّنَ لهم فيه الحَقَّ والهُدى
وفي هذا الحديثِ يقولُ ابنُ عبَّاسٍ: "أُوتِيَ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم"، أي: أنعَمَ اللهُ وتفَضَّل على عليه، فآتاهُ "سبعًا مِنَ المَثاني الطُّوَلِ"؛ والمرادُ هنا سَبْعُ سُورٍ طِوَالٍ كبارٍ، وليس الفاتحةَ؛ فقيل: المرادُ: مِنَ البقَرةِ إلى التَّوبةِ، وقيل: المراد: البقرةُ، وآلُ عِمرانَ، والنِّساءُ، والمائدةُ، والأنعامُ، والأعرافُ، ويونسُ، وقيل: المرادُ: البقرةُ، وآلُ عِمرانَ، والنِّساءُ، والمائدةُ، والأنعامُ، والأعرافُ، والأنفالُ مع بَراءةَ سورةٌ واحدةٌ، وقد بُيِّنَ فيهِنَّ الأمثالُ، والخَبرُ، والعِبَرُ، والفَرائضُ، والحدودُ، والقَصَصُ، والأحكامُ
"وأُوتي موسى عليه السَّلامُ"، أي: أنعَمَ اللهُ وتفضَّلَ عليه بأنْ أعطاهُ "سِتًّا"، أي: مِنَ الألواحِ، "فلمَّا ألقى الألواحَ"، أي: رمى بها غيرَ قاصدٍ بعدَما تملَّكَه الغضَبُ مِن رؤيةِ بني إسرائيلَ وهم يَعْبُدون العِجْلَ، فلم يَشْعُرْ بفِعْلِه؛ وهي الألواحُ المكتوبُ فيها تفصيلُ كلِّ شيءٍ، والأوامرُ، والأحكامُ والهدى، "رُفِعَتْ ثِنْتانِ" مِن تلك الألواح، وبَقِيَ أربعٌ، أي: رُفِع عنه قَدْرٌ كبيرٌ مِن الوحيِ، وقيل: الَّذي رُفِعَ هو أخبارُ الغيبِ، وبَقِيَتِ الأحكامُ
وفي الحَديثِ: فضيلةُ أُمَّةِ الإسلامِ على غيرِها من الأُممِ
وفيه: رَفْعُ الخيرِ عن الأُممِ السَّابقةِ؛ بسَببِ الأخطاءِ