تأويل قول الله عز وجل: {ولقد آتيناك سبعا من المثاني، والقرآن العظيم} [الحجر: 87] 2
سنن النسائي
أخبرنا الحسين بن حريث قال: حدثنا الفضل بن موسى، عن عبد الحميد بن جعفر، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أنزل الله عز وجل في التوراة، ولا في الإنجيل مثل أم القرآن وهي السبع المثاني، وهي مقسومة بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل»
القرآنُ الكريمُ هو كلامُ اللهِ عزَّ وجلَّ، وهو أفضلُ الكلامِ وأعظَمُه، وفي قِراءتِه وتلاوتِه أجرٌ كبيرٌ، وقد خُصَّت بالذِّكرِ بعضُ السُّورِ والآياتِ الَّتي يَكونُ لِقارئِها فضلٌ عظيمٌ في الأجرِ والثَّوابِ
كما في هذا الحديثِ، حيثُ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "ما أنزَل اللهُ"، أي: مِن الآياتِ، "في التَّوراةِ"، وهو الكتابُ الَّذي أنزَله اللهُ عزَّ وجلَّ على نبيِّه موسى عليه السَّلامُ، "ولا في الإنجيلِ"، وهو الكتابُ الَّذي أنزَله اللهُ عزَّ وجلَّ على نبيِّه عيسى عليه السَّلامُ، "مِثْلَ أمِّ القرآنِ"، أي: شيئًا مِن الآياتِ أو السُّورِ أو مُحتَوى الكتابَين بمِثْلِ فضلِ فاتحةِ الكتابِ، وقيل: سُمِّيَت بأمِّ القرآنِ؛ لأنَّها أوَّلُه ومُتضمِّنةٌ لجَميعِ عُلومِه. ... قال صلَّى الله عليه وسلَّم: "وهي السَّبعُ المثاني"، أي: وهي سبعُ آياتٍ، وتُثنَّى في الصَّلاةِ وتُكرَّرُ قِراءتُها في كلِّ ركعةٍ، وقيل: لأنَّها استُثنِيَت لهذه الأمَّةِ فلم تَنزِلْ على أحَدٍ قبلَها ذُخرًا لها، "وهي مقسومةٌ بيني وبين عَبدي"، أي: لأنَّ نِصْفَها ثناءٌ وتمجيدٌ وهو يختصُّ باللهِ تعالى، ونِصْفَها سُؤالٌ وابتهالٌ وهو يَختصُّ بالعبدِ، "ولِعَبدي ما سأل"، أي: ومِن عظيمِ فَضلِ الفاتحةِ: أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يُلبِّي لِمَن يَقرَؤُها ما سأَل في الفاتحةِ مِن طلَبٍ ودُعاءٍ