‌‌تعجيل العشاء

‌‌تعجيل العشاء

أخبرنا عمرو بن علي، ومحمد بن بشار قالا: حدثنا محمد قال: حدثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن محمد بن عمرو بن حسن قال: قدم الحجاج فسألنا جابر بن عبد الله قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة، والعصر والشمس بيضاء نقية، والمغرب إذا وجبت الشمس، والعشاء أحيانا كان إذا رآهم قد اجتمعوا عجل، وإذا رآهم قد أبطئوا أخر»

جعَل الله لصَلاةِ الفرائضِ وقتًا محدَّدًا يجِبُ أداؤُها فيه؛ فقال تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103]، ومِن رحمةِ الله بعِبادِه أنْ وسَّعَ وقْتَ الأداءِ؛ مُراعاةً لظُروفِ الناسِ وأحوالِهم

وفي هذا الحديثِ بيانٌ للوقْتِ الأفضَلِ الَّذي كان يؤدِّي فيه رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كلَّ صلاةٍ، فيخبِرُ جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يُصلِّي الظُّهرَ بالهاجِرةِ، وهِي نِصفُ النَّهارِ عِندَما يَشتدُّ الحَرُّ، وسُمِّيَتْ هاجِرةً مِن الهَجْرِ، وهو التَّرْكُ؛ لأنَّ النَّاسَ يَتركُونَ التصرُّفَ حينَئذٍ لشِدَّةِ الحرِّ ويَقِيلُونَ، وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصلِّي العصرَ والشَّمسُ حَيَّةٌ، لم يتغَيَّرْ لونُها ويَدْخُلْها صُفْرةٌ، ويُصلِّي المغرِبَ إذا وَجَبتِ الشَّمسُ، والمرادُ سقوطُ قُرصِ الشَّمسِ، وأمَّا في صَلاةِ العِشاءِ فكان إذا كَثُرَ الناسُ عَجَّلَ، وإذا قَلُّوا أخَّرَ؛ يعني: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يُراعي فيها حالَ المُصلِّينَ؛ فإنْ حَضَروا في أوَّلِ الوقتِ، وهو زَوالُ الشَّفَقِ الأحْمرِ صلَّوْا، وإنْ لم يَحضُروا أخَّرَها إلى ما يَقرُبُ مِن النِّصفِ الأوَّلِ من اللَّيلِ؛ فإنَّه وقتُها الأفضَلُ لولا المشَقَّةُ، وكان يُصلِّي الصُّبحَ بغَلَسٍ، وهو أوَّلُ اختِلاطِ الضِّياءِ بالظَّلامِ

في هذا الحَديثِ: بيانُ الأفضَلِ في الوَقتِ، لأداءِ الصَّلَواتِ الخَمْسِ