تغريب شارب الخمر 20
سنن النسائي
أخبرنا علي بن حجر، قال: حدثنا عثمان بن حصن، قال: حدثنا زيد بن واقد، عن خالد بن حسين، قال: سمعت أبا هريرة يقول: علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم في بعض الأيام التي كان يصومها، فتحينت فطره بنبيذ صنعته، في دباء،، فلما كان المساء، جئته أحملها إليه، فقلت: يا رسول الله، إني قد علمت أنك تصوم في هذا اليوم، فتحينت فطرك بهذا النبيذ، فقال: «أدنه مني يا أبا هريرة»، فرفعته إليه فإذا هو ينش، فقال: «خذ هذه فاضرب بها الحائط، فإن هذا شراب من لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر»، ومما احتجوا به فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه
الخَمرُ أُمُّ الخَبائثِ، وقد حرَّمها اللهُ تعالى في كِتابِه، وحذَّر مِنها عبادَه
وفي هذا الحديثِ يقولُ أبو هُريرةَ رَضِي اللهُ عَنه: "عَلِمتُ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم كان يَصومُ في بعضِ الأيَّامِ الَّتي كان يَصومُها"، أي: الَّتي كان مِن عادَتِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أَنْ يُحافِظَ على صِيامِها، "فتحَّينْتُ فِطرَه بنَبيذٍ صَنَعتُه في دُبَّاءٍ"، أي: انتَظَرتُ موعِدَ فِطْرِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لأَسقِيَه بعضَ النَّبيذِ، والنَّبيذُ: نَقْعُ التَّمرِ أو الزَّبيبِ في الماءِ، والدُّبَّاءُ: وِعاءٌ يُصنَعُ مِن نَباتِ القَرعِ بعد تَجفيفِه وتفريغِ جِلدِه وجَعلِه مُجوَّفًا، "فلمَّا كان المساءُ"، أي: دخَل وقتُ المساءِ مِن اليومِ الَّذي صُنِع فيه النَّبيذُ، أتَى أبو هُريرَةَ رَضِي اللهُ عَنه بالوِعاءِ يَحمِلُه إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، إنِّي قد عَلِمتُ أنَّك تَصومُ في هذا اليومِ، فتحيَّنتُ فِطْرَك بهذا النَّبيذِ"، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "أَدْنِه منِّي يا أبا هُريرَةَ"، أي: قرِّبْه، قال أبو هُريرةَ رَضِي اللهُ عَنه: "فرَفعتُه إليه"، أي: ناوَلْتُه إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "فإذا هو يَنِشُّ"، أي: يَغلي ويشتَدُّ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لأبي هُريرةَ رَضِي اللهُ عَنه: "خُذ هذه"، أي: النَّبيذَ الَّذي صَنَعه، "فاضرِب بها الحائِطَ"، وهذا كنايَةٌ عن صَبِّه وإراقَتِه لعدَمِ صلاحِ شُربِه؛ "فإنَّ هذا شَرابُ مَن لا يُؤمِنُ باللهِ ولا باليومِ الآخِرِ"، وهذا تأكيدٌ للنَّهيِ عن شُربِه؛ لكَونِه تَحوَّلَ إلى خَمرٍ، والمعنى: أنَّه إنِ استحَلَّه يَخرُجُ مِن الإيمانِ حَقيقةً، باستِحْلالِه الحرامَ، وإلَّا فمُرادُه أنَّه ناقِصُ الإيمانِ
وفي الحديثِ: بيانُ ما كان عند الصَّحابةِ رَضِي اللهُ عَنهم مِن بَذْلِ أنفُسِهم في خِدمةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ونَوالِ محبَّتِه
وفيه: أنَّ النَّهيَ عن الأشربَةِ مرتبِطٌ بوجودِ الإسكارِ فيها