حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه4
مسند احمد
حدثنا مؤمل، حدثنا حماد يعني ابن سلمة، حدثنا يونس، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن أبي ذر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تغيب الشمس تحت العرش، فيؤذن لها فترجع، فإذا كانت تلك الليلة التي تطلع صبيحتها من المغرب، لم يؤذن لها، فإذا أصبحت قيل لها: اطلعي من مكانك " ثم قرأ: {هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك} [الأنعام: 158] (1)
أخبَرَنا النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ اللهَ يقبَلُ توبةَ عِبادِه ما لم تَخرُجِ الرُّوحُ من الجسدِ، وأنَّ بابَ التَّوبةِ مفتوحٌ حتَّى تطلُعَ الشَّمسُ من مَغربِها في آخرِ زمانِ الدُّنيا.
وفي هذا الحديثِ يُخْبِرُ صفوانُ بنُ عسَّالٍ رضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "إنَّ مِن قِبَلِ"، أي: مِن ناحيةِ، "مغرِبِ الشَّمسِ بابًا مفتوحًا، عَرْضُه سَبعونُ سَنةً" وهذا يدُلُّ على سَعتِه غيرِ المحدودةِ، وأنَّ توبةَ اللهِ واسعةٌ مفتوحةٌ للعِبادِ، "فلا يزالُ ذلك البابُ مفتوحًا للتَّوبةِ"، أي: إشارةٌ إلى قَبولِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ للتَّوبةِ، "حتَّى تطلُعَ الشَّمسُ من نحوِه"، أي: من جِهَةِ المغربِ بعدَ أنْ كان طُلوعُها الدَّائمُ من المشرِقِ، وذلك في آخرِ زمانِ الدُّنيا وعند قيامِ السَّاعةِ، "فإذا طلَعَت مِن نحوِه، لم ينفَعْ نفسًا إيمانُها لم تكُنْ آمنتْ من قبْلُ، أو كسَبَت في إيمانِها خيرًا"، أي: في هذا الوقتِ لا تُقْبَلُ توبةٌ، وإنَّما يكونُ النَّاسُ قد أيقنوا أنَّ الدُّنيا قد انتهَتْ وحانتِ القيامةُ، بعدَ أنْ رأَوْا كلَّ العلاماتِ السَّابقةِ ولم يَتوبوا.
وهذا مِصداقٌ لقولِه تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} [الأنعام: 158].
وفي الحديثِ: بيانُ علامةٍ مِن علاماتِ السَّاعةِ الكُبْرى؛ وهي طُلوعُ الشَّمسِ مِن مَغربِها بأمْرِ ربِّها.
وفيه: الحَثُّ على سُرعةِ التَّوبةِ والرُّجوعِ إلى اللهِ.