حديث أبي شريح الخزاعي 1
مسند احمد
حدثنا روح بن عبادة، قال: أخبرنا زكريا بن إسحاق قال: حدثنا عمرو بن دينار، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن أبي شريح الخزاعي وكانت له صحبة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت»
يُرشِدُنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في هذا الحَديثِ إلى التَّحَلِّي بِالآدابِ والأخْلاقِ الإسلامِيَّةِ، الَّتي تَزيدُ الأُلفةَ والمَوَدَّةَ بيْن المُسلِمينَ، فيُخبرُ أنَّ مَن كانَ يُؤمِنُ بِاللهِ الَّذي خَلَقَه إيمانًا كامِلًا، ويُؤمِنُ باليَومِ الآخِر الَّذي إلَيهِ مَعادُه وفيه مُجازاتُه بِعَمَلِه؛ فَلا يُؤذِ جارَه، بل يُكرِمُه بالإحسانِ إليه واللُّطفِ في معامَلَتِه
وأنَّ مَن كانَ يُؤمِنُ بِاللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَليُكْرِمْ ضَيْفَه، وإكرامُ الضَّيفِ يكونُ بطَلاقةِ الوجْهِ، وطِيبِ الكَلامِ، والإطعامِ ثَلاثةَ أيَّامٍ، بما حَضرَهُ مِن غَيرِ تَكلُّفٍ؛ لئلَّا يُثقِلَ عليه وعلى نفْسِه، وبعدَ الثَّلاثةِ يُعَدُّ مِن الصَّدقةِ، ومِن الضُّيوفِ مَن يكونُ حقُّه أَولى، كالضَّيفِ المُسافِرِ، وهو القادمُ مِن بَلدٍ آخَرَ، فحَقُّه وإكرامُه أَولى مِن الزَّائرِ مِن البَلدِ نفْسِه، وليسَ قادِمًا مِن السَّفَرِ
وأنَّ مَن كانَ يُؤمِنُ بِاللهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيرًا، أو ليَصمُتْ، أي: يَلتَزِمِ السُّكوتَ إن لم يستطِعْ قَولَ الخيرِ؛ وذلك أنَّ الإنسانَ في الأصلِ مأمورٌ بقولِ الخيرِ دومًا، وإنما نَبَّه وشَدَّد عليه؛ لأنَّ آفاتِ اللِّسانِ كَثيرةٌ، فإنَّ المرْءَ إذا أراد أنْ يَتكلَّمَ، فَلْيَتفكَّرْ قبْلَ كَلامِه؛ فإنْ علِمَ أنَّه لا يَترتَّبُ عليه مَفسدةٌ ولا يجُرُّ إلى مُحرَّمٍ ولا مَكروهٍ، فَلْيتكلَّمْ، وإنْ كان مُباحًا فالسَّلامةُ في السُّكوتِ؛ لِئلَّا يجُرَّ المُباحُ إلى مُحرَّمٍ أو مَكروهٍ
وإنَّما ذَكَر اليومَ الآخِرَ مع الإيمانِ باللهِ؛ للتَّرغيبِ في تَحصيلِ الثَّوابِ والنَّجاةِ فيه مِن العِقابِ