حديث أبي موسى الأشعري 101
مستند احمد
حدثنا إسماعيل، عن يونس، عن الحسن، أن أسيد بن المتشمس قال: أقبلنا مع أبي موسى من أصبهان فتعجلنا، وجاءت عقيلة فقال أبو موسى: ألا فتى ينزل كنته؟ قال:، يعني أمة الأشعري، فقلت: بلى. فأدنيتها من شجرة فأنزلتها، ثم جئت فقعدت مع القوم. فقال: ألا أحدثكم حديثا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثناه فقلنا: بلى يرحمك الله. قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثنا «أن بين يدي الساعة الهرج» . قيل: وما الهرج؟ قال [ص:409]: «الكذب والقتل» . قالوا: أكثر مما نقتل الآن. قال: «إنه ليس بقتلكم الكفار، ولكنه قتل بعضكم بعضا حتى يقتل الرجل جاره، ويقتل أخاه، ويقتل عمه، ويقتل ابن عمه» . قالوا: سبحان الله ومعنا عقولنا ؟ قال: «لا. إلا أنه ينزع عقول أهل ذاكم الزمان حتى يحسب أحدكم أنه على شيء وليس على شيء» والذي نفس محمد بيده لقد خشيت أن تدركني وإياكم تلك الأمور، وما أجد لي ولكم منها مخرجا فيما عهد إلينا نبينا صلى الله عليه وسلم إلا أن نخرج منها كما دخلناها، لم نحدث فيها شيئا.
وقتُ قِيامِ الساعةِ لا يَعلَمُ مِيقاتَه إلَّا اللهُ عزَّ وجلَّ؛ فقدِ اختصَّ اللهُ سُبحانَه نفْسَه بذلك، ومع ذلك فقدْ جَعَلَ عَلاماتٍ على قُربِ الساعةِ؛ ليَحذَرَ المُسلِمُ ويَعمَلَ لهذا اليومِ الشَّديدِ
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُنا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ مِن عَلاماتِ قُربِ قِيامِ السَّاعةِ أنْ يُرفَعَ العِلمُ النَّافعُ المُقترِنُ بالعَملِ الصَّالحِ، ويَذهَبَ مِن الأرضِ بقَبْضِ أهْلِه؛ فقِلَّتُه بمَوتِهم لا بمَحْوِه مِن الصُّدورِ، فيَتَّخِذُ النَّاسُ عند ذلك رُؤوسًا جُهَّالًا يَتحمَّلون في دِينِ اللهِ برَأيِهم، ويُفتُون بجَهْلِهم، فيَتمكَّنُ الجهلُ مِن النَّاسِ، ويَفْشو بينهم، وتَنتشِرُ الفِتَنُ والاختلافاتُ والفُرقةُ، ويَنتُجُ عن ذلك زَوالُ الخَشيةِ مِن القلوبِ، فيَكثُرُ «الهَرْجُ»، فلمَّا سأَلَ الناسُ عن معْنى الهَرْجِ، أشارَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيَدِه إشارةً يُفهَمُ منها أنَّه القَتْلُ وسَفْكُ الدِّماءِ بِغَيْرِ حَقٍّ، ووَرَدَ تَفسيرُه واضحًا في الصَّحيحينِ: «قَالوا: يا رَسولَ اللهِ، وما هو؟ قال: «القَتْلُ القَتْلُ»، والمعنى: تكونُ الفِتَنُ واختِلافُ الأُمورِ هي ما تَتسبَّبُ في كَثرةِ القتْلِ بيْن المسلِمينَ، كما في رِوايةِ ابنِ ماجهْ مِن حَديثِ أبي مُوسى الأَشعريِّ رَضيَ اللهُ عنه، وفيه أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «ليس بقتْلِ المشركينَ، ولكنْ يَقتُلُ بَعضُكم بَعضًا، حتى يَقتُلَ الرجُلُ جارَه، وابنَ عمِّه وذا قَرابتِه»
وفي الحديثِ: أنَّ قدَرَ اللهِ تعالى قد سبَقَ أنْ يكونَ خَرابُ الأرضِ عَقِيبَ كَثرةِ الفسادِ فيها
وفيه: الحثُّ على تَعلُّمِ العِلمِ؛ فإنَّه لا يُرفَعُ إلَّا بقَبْضِ العُلماءِ
وفيه: علَمٌ مِن أعلامِ نُبوَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ