حديث البراء بن عازب 108

مستند احمد

حديث البراء بن عازب 108

حدثنا يزيد، قال: أخبرنا زكريا، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب قال: «اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يحج، واعتمر قبل أن يحج واعتمر قبل أن يحج» ، فقالت عائشة: «لقد علم أنه اعتمر أربع عمر بعمرته التي حج فيها»

التَّمتُّعُ في أشهُرِ الحجِّ هو أنْ يَنوِيَ الحاجُّ عُمرةً مع حجَّتِه، فإذا قَدِمَ مكَّةَ واعتمَرَ وانْتَهى مِن عُمرتِه؛ فله أنْ يتحلَّلَ مِن إحرامِه، ويَتمتَّعَ بكلِّ ما هو حلالٌ، حتَّى تَبدَأَ مناسِكُ الحجِّ
وفي هذا الحديثِ يقولُ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما: "اعتمَرَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أربَعَ عُمَرٍ: عُمرةً بالحُدَيبيَةِ"، كانت فِي ذي القَعدَةِ عامَ الحُدَيْبِيَةِ سَنةَ سِتٍّ مِن الهِجْرةِ، وصُدَّ المسلمونَ فيها، فتَحلَّلُوا، وحُسِبَت لهم عُمرةً

والثانيةَ: حين تَواطَؤوا على عُمرةِ قابلٍ"، أي: حين تَصالَحَ وتوافَقَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مع المشركينَ أنْ يَرجِعَ مِن الحُدَيْبيَةِ ويَحُجَّ العامَ المقبِلَ، وكانتْ في ذي القَعدةِ سَنةَ سَبعٍ، وهي عُمرةُ القَضاءِ

"والثالثةَ: مِن الجِعْرَانةِ" والجِعْرَانةُ: مكانٌ بيْن مكَّةَ والطَّائفِ على سَبعةِ أميالٍ (11 كم تقريبًا) مِن مكَّةَ، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نزَلَها حِينما كان راجعًا إلى المدينةِ مِن غَزوةِ حُنَينٍ، حيثُ قَسَمَ غنائمَ حُنَينٍ، ثم خرَجَ منها وأحرَمَ، ودخَلَ مكَّةَ، واعتمَرَ ليلًا، ثمَّ عاد إلى الجِعْرانةِ، فأصبَحَ بها كبائِتٍ؛ فخَفِيَتْ عُمرتُهُ على كثيرٍ مِن النَّاسِ

والرابعةَ: التي قرَنَ مع حَجَّتِه"، وكان إحرامُها في ذي القَعدَة، وأعمالُها في ذي الحَجَّةِ، وإنَّما اعْتمَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هذه العُمرةَ في ذي القَعدَةِ؛ لِفَضِيلةِ هذا الشَّهرِ، ولمُخالَفةِ أهلِ الجاهِليَّةِ فِي ذلك؛ فإنَّهم كانوا يَرَونه مِن أفجَرِ الفُجورِ، ففعَلَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَرَّاتٍ في هذه الأشهُرِ؛ لِيَكونَ أبلَغَ في بَيانِ جَوازِه فيها، وأبلَغَ في إبْطالِ ما كان عليه أهلُ الجاهِليَّةِ