حديث البراء بن عازب 34
مستند احمد
حدثنا عفان، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن البراء، قال: " لما نزلت هذه الآية: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين} [النساء: 95] {والمجاهدون في سبيل الله} [النساء: 95] «دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم زيدا، فجاء بكتف، فكتبها» قال: فجاء ابن أم مكتوم فشكا [ص:468] ضرارته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت: {غير أولي الضرر} [النساء: 95]
[ص:467]
كَتَب اللهُ تعالَى على المؤمِنين الجِهادَ؛ لإعلاءِ كَلمتِه، ونشْرِ دِينِه، ولَمَّا كان الجهادُ مِن أفضلِ الأعمالِ التي يَعْمَلُها المؤمنُ، فَضَّل اللهُ سُبحانه وتعالَى المجاهِدين على القاعِدين ولم يَجْعَلْهما سَواءً
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ زيدُ بنُ ثابتٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّه جاء ابنُ أُمِّ مَكْتُومٍ رضِيَ اللهُ عنه -وكان أَعْمَى- ودَخَل على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو يُمْلِي على زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ رضِيَ اللهُ عنه قولَ اللهِ تعالَى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} {وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [النساء: 95] لِيَكتُبَها، فقال ابنُ أُمِّ مَكْتُومٍ رضِيَ اللهُ عنه: يا رسولَ الله، لو استطعتُ الجهادَ لجاهدتُ، فأَنْزَل اللهُ تعالى على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} يَعني: غيرُ مَن لهم عُذْرٌ في تَرْكِ الجِهادِ، كالأَعْمَى ونحوِه ممَّن لا يستطيعُ الخُروجَ للجِهادِ، وكانت فَخِذُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على فَخِذِه، فثَقُلت عليه حتَّى ظَنَّ زَيْدٌ أنَّها سَتَدُقُّ فَخِذَه مِن ثِقَلِها، ثُمَّ كُشِفَ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأُزِيلَ ما يَجِدُه مِن ثِقَل الوَحْي بعْدَ نُزولِ الآيةِ
وقَولُه: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} قُرِئَ بالرَّفعِ والنَّصبِ؛ فالرَّفعُ على أنَّ (غيْرُ) صِفةٌ لـ{الْقَاعِدُونَ}، والنَّصبُ على أنَّ (غيْرَ) استثناءٌ أو حالٌ
وفي الحَديثِ: أنَّ مَن حبَسَه العُذرُ عن الجِهادِ وغيرِه مِن أعمالِ البِرِّ؛ يَبلُغُ بنيَّتِه الصَّالحةِ أجْرَ العامِلِ إذا كان لا يَستطيعُ العملَ الذي يَنْويه
وفيه: مَشروعيَّةُ كِتابةِ القرآنِ الكريمِ