‌‌حديث الطفيل بن أبي بن كعب، عن أبيه1

مسند احمد

‌‌حديث الطفيل بن أبي بن كعب، عن أبيه1

حدثنا عفان، حدثنا خالد بن الحارث، وحدثنا عبد الله، قال: وحدثنا الصلت بن مسعود الجحدري، حدثنا خالد بن الحارث، حدثنا عبد الحميد بن جعفر، حدثني أبي، عن سليمان بن يسار، عن عبد الله بن الحارث، قال وقفت أنا وأبي بن كعب في ظل أجم حسان، فقال لي أبي: ألا ترى الناس مختلفة أعناقهم في طلب الدنيا؟ قال: قلت: بلى، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يوشك الفرات أن يحسر عن جبل من ذهب، فإذا سمع به الناس ساروا إليه، فيقول من عنده: والله لئن تركنا الناس يأخذون فيه ليذهبن، فيقتتل الناس، حتى يقتل من كل مائة تسعة وتسعون " وهذا لفظ حديث أبي عن عفان

حذَّرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُمَّتَه مِن كلِّ فِتنةٍ يُمكِنُ أنْ تقَعَ لهم؛ لِيَكونوا على بيِّنةٍ مِن أمرِهِم.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «لا تَقَومُ السَّاعةُ»، أيْ: إنَّ مِن عَلاماتِ يوْمِ القيامةِ وما يدُلُّ عليه أنْ «يَحسِرَ الفُراتُ»، أي: يَنكشِفَ ويَجِفَّ ماؤه، فيَظهَرَ جَبلٌ مِن ذَهَبٍ؛ وذلك إمَّا أنْ يكون الجَبلُ في أَصْلِه من مَعدِنِ الذَّهبِ، وإمَّا أنْ يَخرُجَ منه مِن الذَّهبِ مِقدارُ الجَبَلِ، والفُراتُ: نَهْرٌ مَشهورٌ شَمالَ بلادِ الشَّامِ والعراقِ، وفي رِوايةِ مُسلمٍ الأُخرى: «فإذا سَمِع به النَّاسُ سارُوا إليه فيقولُ مَن عِنده: لئنْ تَرَكْنا النَّاسَ يَأخُذون منه لَيُذْهَبَنَّ به كلِّه» أي: إنَّ النَّاسَ ستَجتمِعُ عليه لِيَنالوا ويَجمَعوا مِن هذا الكَنزِ حتَّى يَقتَتِلوا عليه، فيُقتَلُ مِن كلِّ مائةٍ تِسعةٌ وتِسعون طَمَعًا فيه وحِرْصًا على بُلُوغِه، ومِن دَوافعِ الاقتتالِ عليه أيضًا أنَّ كلَّ مَن يُقاتِلُ عليه يَعتقِدُ في نفْسِه أنَّه الباقي بعد القِتالِ، ويقولُ كلُّ رجُلٍ منهم: «لَعلِّي أكونُ أنا الَّذي أنْجُو» ؛ لِيَتمتَّعَ بذلك الذَّهبِ.
وفي رِوايةٍ: أخبَرَ سُهيلُ بنُ أَبِي صالحٍ -مِن رُواةِ الحديثِ-: أنَّ أباهُ قدْ أوصاهُ: «إنْ رأيتَه فلا تَقْرَبَنَّه»، أيْ: إنْ سَمِعتَ به في زمنِك فلا تَسْعَ له ولا تُقاتِلْ عليه؛ لِما يكونُ فيه مِن فِتَنٍ ودماء.
وفي الحديثِ: عَلامةٌ مِن عَلاماتِ نُبوَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفيه: الأَمْرُ بتَجنُّبِ الفِتَنِ في آخِر الزَّمانِ.