‌‌حديث الطفيل بن أبي بن كعب، عن أبيه4

مسند احمد

‌‌حديث الطفيل بن أبي بن كعب، عن أبيه4

حدثنا زكريا بن عدي، أخبرنا عبيد الله بن عمرو، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن الطفيل بن أبي بن كعب، عن أبيه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرب إلى جذع إذ كان المسجد عريشا، وكان يخطب إلى ذلك الجذع، فقال رجل من أصحابه: يا رسول الله، هل لك أن تجعل لك شيئا تقوم عليه يوم الجمعة، حتى يراك الناس وتسمعهم خطبتك؟ قال: "نعم " فصنع له ثلاث درجات اللاتي على المنبر. فلما صنع المنبر، ووضع في موضعه الذي وضعه فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، " فلما أراد أن يأتي المنبر مر عليه، فلما جاوزه خار الجذع، حتى تصدع وانشق، فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسحه بيده حتى سكن، ثم رجع إلى المنبر، وكان إذا صلى، صلى إليه " "فلما هدم المسجد وغير، أخذ ذاك الجذع أبي بن كعب، فكان عنده حتى بلي وأكلته الأرضة، وعاد رفاتا " (1)

كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَخطُبُ في الجُمُعةِ والأعيادِ وغيرِ ذلك مِن مُناسَباتِ الخَطابَةِ، وهو واقِفٌ على جِذْعِ نَخْلٍ في المسْجِدِ.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي أنسُ بنُ مالكٍ رضِيَ اللهُ عنه: "كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقومُ مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إلى جِذْعٍ مَنْصوبٍ"، أي: مُثبَّتٍ "في المسْجِدِ يومَ الجُمُعةِ، فخَطَبَ الناسَ فجاءَه رُوميٌّ، فقال: يا رسولَ اللهِ، ألا أَصْنَعُ لك شيئًا تَقْعُدُ عليه كأنَّك قائِمٌ"، أي: يكونُ عاليًا، فإذا قَعَدْتَ عليه، تكونُ مُرتفِعًا مِثلَ الواقِفِ، "فصَنَعَ له مِنْبَرًا دَرَجَتيْنِ ويَقْعُدُ على الثالِثَةِ، فلمَّا قَعَدَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على ذلك المِنْبَرِ، خارَ الجِذْعُ كخُوارِ الثَّوْرِ"، أي: بَكَى وأَظْهَرَ صوْتًا مِثلَ صوْتِ الثَّوْرِ "حتى ارْتَجَّ"، أي: امْتَلَأَ وضَجَّ "المسْجِدُ بخُوارِهِ، فنَزَلَ إليه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فالْتَزَمَهُ"، أي: ضمَّه إلى صَدْرِهِ "فسَكَنَ"، أي: هَدَأَ "فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: والذي نَفْسي بيَدِهِ لو لم أَلْتَزِمْه لَمَا زالَ كذا إلى يوْمِ القِيامَةِ حُزْنًا على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثم أَمَرَ به رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فدُفِنَ"، ووَرَدَ أنَّه دُفِنَ تحتَ المِنْبَرِ إكْرامًا له، وليكونَ قريبًا من الذِّكْرِ.
وفي الحديثِ: مُعجِزةٌ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بحَنينِ الخَشَبَةِ إليه، وبُكائِها لفِراقِهِ.
وفيه: مَشْروعيَّةُ بِناءِ المنابِرِ في المساجِدِ .