حديث المغيرة بن شعبة 63

مستند احمد

حديث المغيرة بن شعبة 63

حدثنا محمد بن جعفر، وحجاج، قالا: حدثنا شعبة، عن منصور، قال: سمعت مجاهدا، يحدث قال: حدثني عقار بن المغيرة بن شعبة حديثا، فلما خرجت من عنده لم أمعن حفظه، فرجعت إليه أنا وصاحب لي، فلقيت حسان بن أبي وجزة وقد خرج من عنده، فقال: ما جاء بك؟ فقلت: كذا وكذا، فقال حسان: حدثناه عقار، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لم يتوكل من اكتوى واسترقى»

جاء الإسلامُ لِيَدحَضَ كلَّ أنواعِ الشِّركِ، بما في ذلك ما يقَعُ من الأمورِ الشِّركيَّةِ عند التَّداوي وطلَبِ الشِّفاءِ

وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "مَن اكْتَوى"، أي: عُولِجَ بالكيِّ، وهو: أن يُحْمَى حديدٌ ويُوضَعَ على عضوٍ مَعلولٍ لِيُحرَقَ ويَحبِسَ دمَه، ولا يَخرُجَ، أو لِيَنقطِعَ العِرقُ الَّذي خرَج منه الدَّمُ، "أو استَرْقى"، أي: طلَبَ التَّداوي بالرُّقيةِ، والمرادُ بها هنا ما كانتْ مِن غيرِ كتابِ اللهِ وسُنَّةِ نبيِّه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "فقد بَرِئَ مِن التَّوكُّلِ"، أي: سقَط عنه التَّوكُّلُ الَّذي هو مِن صَميمِ وكمالِ الإيمانِ باللهِ عزَّ وجلَّ، والنَّهيُ هنا لِمَن يَعتقِدُ أنَّ الشِّفاءَ مُنحصِرٌ فيهما لا بإذنِ اللهِ عزَّ وجلَّ
وقد ورَد النَّهيُ عن الكيِّ في أحاديثَ أخرى عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، وجاءتِ الرُّخصةُ فيه؛ وممَّا قيل في الجَمعِ بَينهما: أنْ يكونَ النَّهيُ لِمَن له عِلاجٌ آخَرُ غيرُه وكذلك لِمَن يَعتقِدُ في الكيِّ أنَّها عِلاجٌ شافٍ، وليس سَببًا في التَّداوي، ويَكونَ وُرودُ الرُّخصةِ لِمَن لا يَجِدُ دواءً غيرَه وهو يَعلَمُ إنَّما هو سَببٌ للتَّداوي