حديث جبير بن مطعم 34
مسند احمد
حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن الزهري، عن عمر بن محمد بن عمرو بن مطعم، عن محمد بن جبير بن مطعم، أن أباه، أخبره بينا هو يسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه الناس مقفله من حنين علقه الأعراب يسألونه، فاضطروه إلى سمرة، فخطفت رداءه وهو على راحلته، فوقف، فقال: «ردوا علي ردائي، أتخشون علي البخل؟ فلو كان عدد هذه العضاه نعما لقسمته بينكم، ثم لا تجدوني بخيلا ولا جبانا ولا كذابا» [ص:334] قال أبو عبد الرحمن: " أخطأ معمر في نسب عمر بن محمد بن عمرو، وهو: عمر بن محمد بن جبير بن مطعم "
كانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُعلِّمًا رَحيمًا، ومُؤدِّبًا رَفيقًا، ومُربِّيًا حَليمًا
وفي هذا الحَديثِ يَروي جُبَيرُ بنُ مُطعِمٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه بعْدَ انتِهاءِ غَزوةِ حُنَينٍ -وكانَتْ سَنةَ ثَمانٍ مِنَ الهِجرةِ، وحُنَيْنٌ: وادٍ بيْنَ مَكَّةَ والطَّائفِ- والنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَسِيرُ مع الناسِ وهُم راجِعونَ إلى المَدينةِ، تَعلَّقَ به بَعضُ النَّاسِ والْتَفُّوا حَولَه يَسأَلونَه مِنَ الغَنائمِ، وكان قدْ شارَكَ في هذه الغَزوةِ ناسٌ ممَّن أسلَمَ حَديثًا، فتَعلَّقَ ناسٌ منهم برَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتَّى ألْجَؤُوه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى سَمُرةٍ، وهي شَجَرةٌ مِن أشجارِ الباديةِ لها شَوكٌ، فعَلِقَ رِداءُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالشَّجَرةِ، فوَقَفَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال: «أعطُوني رِدائي، لو كان لي عَدَدُ هذه العِضَاهِ نَعَمًا لَقَسَمتُه بيْنكم»، يَعني: لو مَلَكتُ أمثالَ عَدَدِ هذه «العِضَاهِ» -وهو: شَجَرٌ كَثيرُ الشَّوكِ- مِنَ النَّعَمِ -وهي الإبِلُ والبَقَرُ والغَنَمُ-، لَقَسَمتُه بيْنكم ولم أدَّخِرْ شَيئًا لي، ومُقتَضى الكَلامِ: إذا سَمَحَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بمالِ نَفْسِه وقَسَّمَه بيْنَهم، ولم يَدَّخِرْ لِنَفْسِه منه شَيئًا، فلنْ يَبخَلَ بتَقسيمِ غَنائمِهم عليهم؛ فمَن بَذَلَ لهم مالَه فلنْ يَبخَلَ عليهم بمالِهم، وجمَعَ بيْن الأوصافِ الثَّلاثةِ -البُخلِ والكذِبِ والجُبْنِ-؛ لأنَّها مُتَلازِمةٌ، وكذا أضدادُها: الصِّدقُ والكَرَمُ والشَّجاعةُ
وفي الحَديثِ: مَشروعيَّةُ تَعريفِ الإنسانِ نَفْسَه بالأوصافِ الحَميدةِ لِمَن لا يَعرِفُه؛ ليَعتَمِدَ عليه
وفيه: ذَمُّ البُخلِ، والكَذِبِ، والجُبنِ