حديث رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
مستند احمد
حدثنا محمد هو ابن جعفر، حدثنا شعبة، عن إسحاق بن سويد، عن أبي حبيبة، عن ذلك الرجل، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ولي حاجة، فرأى علي خلوقا، فقال: «اذهب فاغسله» فغسلته، ثم عدت إليه، فقال: «اذهب فاغسله» ، فذهبت فوقعت في بئر، فأخذت مستقة فجعلت أتتبعه، ثم عدت إليه، فقال: «حاجتك»
كانت الوُفودُ تُقبِلُ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم طلَبًا للإسلامِ ورُؤيةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، وغيرِ ذلك مِن الحاجاتِ
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ وَقْدانَ السَّعديُّ: "وفَدتُ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في وفدٍ"، أي: مع قومِه، "كلُّنا يَطلُبُ حاجةً"، أي: كلُّ فردٍ فيهم يَسأَلُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في مسألةٍ يَقْضيها له النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "وكنتُ آخِرَهم دُخولًا على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، أي: آخِرَ القومِ في عَرْضِ حاجتِه ومسألتِه، "فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، إنِّي ترَكتُ مَن خَلْفي"، أي: بعضَ القومِ، "وهم يَزعُمون أنَّ الهِجْرةَ قد انقطعَت؟"، أي: يدَّعون أنَّ الهجرةَ قد انقطعَت بالفتحِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "لا تَنقطِعُ الهجرةُ"، والهجرةُ: هي تَرْكُ دِيارِ الكُفرِ إلى دِيارِ الإسلامِ، "ما قُوتِلَ الكفَّارُ"، أي: إنَّها باقيةٌ إلى بَقاءِ يَومِ القِيامةِ؛ لأنَّ قِتالَ الكفَّارِ باقٍ ومُستمرٌّ
وقد ثبَت في الصَّحيحَينِ عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عَنهما، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أنَّه قال يومَ فَتحِ مكَّةَ: "لا هِجرةَ بعدَ الفَتحِ"، وهذا بيانُ أنَّ الهجرةَ الواجبةَ من مَكَّةَ قد انقطعَتْ، ويُحمَلُ أيضًا: على أنْ لا هِجْرةَ مع كلِّ بلَدٍ يَتِمُّ فَتحُها، أمَّا الَّتي قَبلَ الفتحِ ففيها هِجرةٌ، وقيل في الجَمعِ بين الحديثَينِ: إنَّ المنقطِعةَ هي الهِجرةُ مِن مَكَّةَ، وهي الَّتي كانتْ فرضًا في أوَّلِ الإسلامِ قبلَ فَتحِ مكَّةَ، فلمَّا فُتِحَت مكَّةُ، وصارَتْ دارَ إسلامٍ انقطعَتِ الهجرةُ، وأمَّا الهجرةُ الباقيةُ فهي الهجرةُ مِن دارِ الكُفرِ إلى دَارِ الإسلامِ، في أيِّ عَصرٍ كان؛ فإنَّها باقيةٌ إلى يَومِ القيامةِ، وكذلك هِجرةُ ما نَهى اللهُ عنه باقيةٌ إلى يومِ القيامةِ