مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 654
مستند احمد
حدثنا عبيدة، حدثني الأسود بن قيس، عن نبيح العنزي، عن جابر بن عبد الله، قال: سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فحضرت الصلاة، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما في القوم من طهور؟» قال: فجاء رجل بفضلة في إداوة، قال: فصبه في قدح، قال: فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إن القوم أتوا بقية الطهور، فقالوا: تمسحوا تمسحوا، قال: فسمعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «على رسلكم» ، قال: فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في القدح في جوف الماء، قال:، ثم قال: «أسبغوا الوضوء الطهور» ، قال: فقال جابر بن عبد الله: والذي أذهب بصري - قال: وكان قد ذهب [ص:147] بصره - لقد رأيت الماء يخرج من بين أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يرفع يده حتى توضئوا أجمعون، قال الأسود: حسبته قال: «كنا مائتين أو زيادة»
أيَّدَ اللهُ سُبحانَه نَبيَّه مُحمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالمُعجِزاتِ الماديَّةِ والمَعنويَّةِ؛ ليُثَبِّتَ قُلوبَ الذين آمَنوا بما يقَعُ أمامَ أعيُنِهم
ومنها ما في هذا الحَديثِ، وفيه يقولُ أنَسُ بنُ مالِكٍ رضِيَ اللهُ عنه: "حضَرَتِ الصلاةُ"، ودخَلَ وَقتُها بالأذانِ، "فقامَ مَن كان قَريبَ الدَّارِ إلى أهلِه"، أي: فذهَبَ مَن كانتْ دِيارُهم قَريبةً مِن المَسجِدِ ليَتوضَّأَ في دارِهِ "فتَوضَّأَ، وبَقيَ قومٌ" لم يَذهَبوا للوُضوءِ، "فأُتيَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بمِخضَبٍ من حِجارةٍ"، وهو إناءٌ صَغيرٌ مَصنوعٌ من الحِجارةِ، "فيه ماءٌ، فصَغُرَ المِخضَبُ عن أنْ يَملأَ فيه كفَّه"، لم يَتَّسِعِ الإناءُ لصِغَرِه أنْ يُدخِلَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كفَّه فيه ليَأخُذَ منه الماءَ، "فضَمَّ أصابِعَه فوَضَعَها في المِخضَبِ"، فأخَذَ الماءَ بأصابِعِه بأقلِّ قَدرٍ، "فتَوضَّأَ القَومُ كلُّهم جَميعًا" مِن هذا الإناءِ الصغيرِ، "فقُلْنا" لأنَسٍ، والقائلُ هنا هو حُمَيدُ بنُ أبي حُمَيدٍ الطَّويلُ، الراوي عن أنَسٍ: "كم كانوا؟ قال: ثَمانينَ رجُلًا"، فكَفاهم الماءُ القَليلُ في هذا الإناءِ الصَّغيرِ بقُدرةِ اللهِ سُبحانَه الذي وضَعَ فيه البَرَكةَ؛ لمَكانةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وإظهارًا لمُعجِزةٍ يَراها الناسُ المؤمِنونَ؛ لِيَزدادوا إيمانًا ويَقينًا
وفي الحَديثِ: دَليلٌ على استِخدامِ الأواني مِن جواهِرِ الأرضِ ونَباتِها، وأنَّها طاهرةٌ ولا رَيبَ في استِعمالِها
وفيه: أنَّ اللهَ سُبحانَه يُجري المُعجِزاتِ على أيدي الأنبياءِ؛ لِيُثبِّتَ الإيمانَ في القُلوبِ