حديث عقبة بن عامر الجهني عن النبي صلى الله عليه وسلم 26
مستند احمد
حدثنا حسن بن موسى، قال: حدثنا ابن لهيعة، قال: حدثنا أبو قبيل، قال: سمعت عقبة بن عامر، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما أخاف على أمتي الكتاب واللبن» قال: قيل: يا رسول الله، ما بال [ص:556] الكتاب؟ قال: «يتعلمه المنافقون ثم يجادلون به الذين آمنوا» فقيل: وما بال اللبن؟ قال: «أناس يحبون اللبن، فيخرجون من الجماعات ويتركون الجمعات»
أيَّدَ اللهُ تَعالى نَبيَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بمُعجِزاتٍ تَدُلُّ على صِدقِ نُبوَّتِه وصِدقِ ما جاءَ به
ومِن ذلك أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أخبَرَ عن أحوالٍ تَكونُ بَعدَ وفاتِه مِمَّا يَكونُ فيه هَلاكُ أُمَّتِه، ومِن ذلك قَولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: هَلاكُ أُمَّتي في الكِتابِ واللَّبَنِ، أي: أنَّ أُمَّتي سَوف يَكونُ هَلاكُها في هَذَينَ الأمرَينِ. قالوا: يا رَسولَ اللهِ، ما الكِتابُ واللَّبَنُ؟ فقال رَسولُ اللهِ: يَتَعَلَّمونَ القُرآنَ فيتأوَّلونَه على غَيرِ ما أنزَلَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ، أي: مَقصودُه بهَلاكِها بالكِتابِ: القُرآنُ، بحَيثُ يَتَعَلَّمونَه لَكِنَّهم يُفسِّرونَه ويَعمَلونَ به على غَيرِ ما أرادَ اللَّهُ تعالى به، وهذا كما وقَعَ مِنَ الفِرَقِ الضَّالَّةِ، كالخَوارِجِ الذينَ تَعَلَّموا القُرآنَ لَكِنَّهم فَهِموه على غَيرِ فَهمِه، فكَفَّروا المُسلمينَ وقاتَلوهم واستَحَلُّوا دِماءَهم وأموالَهم. ويُحِبُّونَ اللَّبَنَ، أي: هَلاكُهم باللَّبَنِ أنَّهم يُحِبُّونَ الماشيةَ، حَتَّى أنَّهم يَترُكونَ الجَماعاتِ، أي: صَلاةَ الجَماعةِ، والجُمَعَ، أي: صَلاةَ الجُمعةِ. ويَبدونَ، مِن بَدا، أي: يَخرُجونَ إلى الباديةِ، والمَعنى: أنَّهم يَترُكونَ سُكنى الأمصارِ ويَسكُنونَ في الباديةِ؛ لتَوفُّرِ اللَّبَنِ فيها فيُحرَمونَ مِنَ الجَماعاتِ والجُمَعِ
وفي الحَديثِ بَيانُ مُعجِزةٍ مِن مُعجِزاتِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
وفيه خُطورةُ تَأويلِ القُرآنِ على غَيرِ ما أُنزِلَ
وفيه خُطورةُ تَركِ الجُمَعِ والجَماعاتِ
وفيه خُطورةُ المُقامِ في الباديةِ مُدَّةً طَويلةً