حديث عمرو الأنصاري
مستند احمد
حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا الوليد بن سليمان، أن القاسم بن عبد الرحمن، حدثهم عن عمرو بن فلان الأنصاري، قال: بينا هو يمشي قد أسبل إزاره، إذ لحقه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أخذ بناصية نفسه وهو يقول: «اللهم عبدك، ابن عبدك، ابن أمتك» قال عمرو: فقلت: يا رسول الله، إني رجل حمش الساقين، فقال: «يا عمرو، إن الله قد أحسن كل شيء خلقه، يا عمرو» وضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع أصابع من كفه اليمنى تحت ركبة عمرو، فقال: «يا عمرو، هذا موضع الإزار» ثم رفعها، ثم ضرب بأربع أصابع من تحت الأربع الأول، ثم قال: «يا عمرو، هذا موضع الإزار» ثم رفعها، ثم وضعها تحت الثانية فقال: «يا عمرو، هذا موضع الإزار»
الأصلُ في اللِّباسِ والزِّينةِ الحِلُّ؛ فللمُسلمِ أن يَلبَسَ ما شاءَ مِنَ اللِّباسِ، ولا يَحرُمُ عليه مِنَ اللِّباسِ إلَّا ما جاءَ الشَّرعُ بالنَّهيِ عنه، ومِمَّا نَهى عنه الشَّرعُ الإسبالُ في الإزارِ؛
بأن يجاوزَ الإزارُ الكَعبَينِ، بَل وتَوعَّدَ عليه بالعُقوبةِ الشَّديدةِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ما تَحتَ الكَعبَينِ مِنَ الإزارِ ففي النَّارِ؛ ولهذا لمَّا رَأى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَمرَو بنَ فُلانٍ الأنصاريَّ -واسمُه عَمرُو بنُ زُرارةَ، كما صُرِّحَ بذلك في رِوايةٍ أُخرى- يَمشي وهو مُسبِلٌ إزارَه، لحِقَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وقد وضَعَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَدَه على ناصيةِ نَفسِه، وهيَ مُقدَّمُ الرَّأسِ، وقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: اللهُمَّ عَبدُك وابنُ عَبدِك وابنُ أمَتِك! وإنَّما قال ذلك صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تَواضُعًا للَّهِ ليَتَّعِظَ مُسبِلُ الإزارِ، فبَيَّنَ عَمرٌو رَضيَ اللهُ عنه عُذرَه للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأنَّه رَجُلٌ حَمشُ السَّاقَينِ، أي: دَقيقُهما، فيُريدُ بذلك أن يُغَطِّيَ ساقَيه سَترًا لدِقَّتِهما، ولَم يَقصِدْ بإسبالِه الخُيَلاءَ، فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: يا عَمرُو، إنَّ اللَّهَ قد أحسَنَ كُلَّ شَيءٍ خَلَقَه، أي: أنَّ دِقَّةَ ساقيك مِن خَلقِ اللهِ، وليس عليك فيها عَيبٌ ومَلامةٌ، وكُلُّ خَلقِ اللهِ حَسَنٌ، ثُمَّ بَيَّنَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لعَمرٍو مَواضِعَ الإزارِ إلى أينَ يَكونُ، فضَرب بأربَعِ أصابعَ مِن كَفِّه اليُمنى تَحتَ رُكبةِ عَمرٍو، وقال: هذا مَوضِعُ الإزارِ، ثُمَّ رَفعَها، أي: رَفعَ أصابعَه، ثُمَّ ضَرَبَ بأربَعِ أصابعَ مِن تَحتِ الأربَعِ الأولى، ثُمَّ قال: هذا مَوضِعُ الإزارِ، ثُمَّ رَفعَها، أي: رَفعَ أصابعَه، ثُمَّ وضَعَها تَحتَ الثَّانيةِ، أي: تَحتَ الأصابعِ الأربَعِ الثَّانيةِ، فقال: هذا مَوضِعُ الإزارِ، أي: إلى هنا يَنتَهي مَوضِعُ الإزارِ ولا يَتَجاوزُ ذلك تَحتَ الكَعبَينِ
وفي الحَديثِ التَّحذيرُ مِن إسبالِ الإزارِ
وفيه بَيانُ تَواضُعِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
وفيه إنكارُ المُنكَرِ على مَن وقَعَ في مُنكَرٍ
وفيه أنَّ كُلَّ خَلقِ اللهِ حَسَنٌ
وفيه بَيانُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى أينَ يَكونُ الإزارُ