حديث عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم 14
مستند احمد
حدثنا أبو اليمان، قال: حدثنا إسماعيل بن عياش، عن عبد العزيز بن عبيد الله، عن عبد الله بن الحارث، قال: سمعت عمرو بن العاص يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «بينا أنا في منامي، أتتني الملائكة فحملت عمود الكتاب من تحت وسادتي، فعمدت به إلى الشام، ألا فالإيمان حيث تقع الفتن بالشام»
لبِلادِ الشامِ فَضْلٌ كبيرٌ؛ فهي مُهاجَرُ الأنبياءِ، ومَهْبِطُ الرِّسالاتِ السَّماويَّةِ، خَصَّها اللهُ تعالى بمَناقِبَ كثيرةٍ، وشَرَّفَها بِفَضْلٍ عَظيمٍ
وفي هذا الحَديثِ أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: "إنِّي رَأَيْتُ"، أي: رَأَيْتُ رُؤْيا في المَنامِ، ورُؤْيا الأنبياءِ حَقٌّ، "كأنَّ عَمودَ الكِتابِ" ويُقصَدُ بعَمودِ الكِتابِ الإيمانُ أوِ الدِّينُ كُلُّه، وقِيلَ: عَمودُ الكِتابِ والإِسْلامِ ما يُعتمَدُ عليه، وهم حَمَلَتُه القائِمونَ به، "انُتْزِعَ" وهو إِشْعارٌ بقُوَّةِ الأَخْذِ، "من تَحْتِ وِسادَتي، فأتْبَعْتُه بَصَري"، أي: راقَبَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى أين يَذهَبُ، "فإذا هو نورٌ ساطِعٌ، عُمِدَ به إلى الشامِ" يعني توجَّه إلى الشامِ، وهي التي تقعُ إلى الشَّمالِ من الجَزيرَةِ العَرَبيَّةِ، وتَضُمُّ سُوريا والأُرْدُن وفِلَسْطِينَ ولُبْنانَ، والمُرادُ أنَّ عُقْرَ ديارِ المُسلِمينَ حينَئذٍ بالشامِ، وهذا دَليلٌ على اسْتِقْرارِ الأَمْنِ والإيمانِ في أَرْضِ الشامِ في آخِرِ الزَّمانِ، "ألَا وإنَّ الإيمانَ -إذا وَقَعَتِ الفِتَنُ- بالشامِ" والمَقْصودُ أنَّ الإيمانَ يكونُ في الشامِ لذَهابِ المُؤْمِنينَ إليه عندَ وُقوعِ الفِتَنِ ببِلادِ المُسلِمينَ،كما في حَديثِ أبي داوُدَ: "عليك بالشامِ، فإنَّها خِيرَةُ اللهِ من أَرْضِه، يَجْتَبي إليها خِيرتَه من عِبادِه"
وفي الحديثِ: بَيانُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لعلاماتِ القيامَةِ والفِتَنِ التي تقَعُ قبلَ اليَوْمِ المَوْعودِ