حديث فلان عن النبي صلى الله عليه وسلم
مسند احمد
حدثنا حجاج، قال: حدثنا شعبة، عن أبي عمران قال: قلت لجندب: إني قد بايعت هؤلاء ـ يعني ابن الزبير ـ وإنهم يريدون أن أخرج معهم إلى الشام، فقال: أمسك، فقلت: إنهم يأبون، فقال: افتد بمالك، قال: قلت: إنهم يأبون إلا أن أضرب معهم بالسيف، فقال جندب، حدثني فلان، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يجيء المقتول بقاتله يوم القيامة فيقول: يا رب، سل هذا فيم قتلني - قال: شعبة فأحسبه قال -: فيقول: علام قتلته؟ فيقول: قتلته على ملك فلان "، قال: فقال جندب: فاتقها
لقد عظَّمَ الشَّرعُ المُطهَّرُ حُرمَةَ الدِّماءِ ونهَى عن قتْلِ النَّفسِ بغيرِ حَقٍّ، وبيَّن ما لقاتِلِ النَّفْسِ المُؤمِنةِ بغيرِ حقٍّ مِن الوَعيدِ، ومِن الجزاءِ الحَسنِ والثَّوابِ لِمَن قاتَلَ أعداءَ اللهِ تعالى لتكونَ العِزَّةُ للهِ
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أنَّه: "يَجيءُ الرَّجلُ"، أي: يَأتي المَقتولُ يومَ القيامَةِ للمَوْلى عزَّ وجلَّ، "آخِذًا بيَدِ الرَّجلِ"، أي: مُمسِكًا بيَدِ قاتِلِه، "فيقولُ: يا رَبِّ، هذا قتَلَني"، أي: يُريدُ مِن اللهِ عزَّ وجلَّ أنْ يقتَصَّ له مِنه، "فيقولُ اللهُ له"، أي: للقاتِلِ: "لِم قتَلْتَه؟"، فيقولُ القاتِلُ: "قتَلتُه لتكونَ العزَّةُ لك"، أي: لتَكونَ كلِمةُ اللهِ هي العُليا، وذلك بتنفِيذِ أَحكامِه؛ وهذا فيمَن كان مُستحِقًّا للقَتلِ، فيقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ: "إنِّي لها"، أي: للعزَّةِ؛ وهذا كِنايةٌ عن قَبولِ اللهِ عزَّ وجلَّ مِن القاتِلِ فِعْلَه لصِدْقِ نِيَّتِه، قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "ويَجيءُ الرَّجلُ آخِذًا بيَدِ الرَّجلِ"، أي: ويَأتي مَقتولٌ آخَرُ ممسِكًا بقاتِلِه إلى اللهِ عزَّ وجلَّ، "يقولُ: إنَّ هذا قتَلَني، فيقولُ اللهُ له: لِم قتَلْتَه؟"، فيقولُ القاتِلُ: "لتَكونَ العزَّةُ لفُلانٍ"، أي: كأمْرٍ بغير حَقٍّ مِن مَلِكٍ ووَليِّ أَمرٍ، أو كالقَتلِ عَصبيَّةً وما شابَه؛ وهذا فيمَن قُتِلَ مَظلومًا، فيقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ: "إنَّها ليسَت لفُلانٍ"، أي: ليسَتِ العِزَّةُ للَّذي مِن أجْلِه قتَلْتَ، "فيَبوءُ بإثْمِه"، أي: فيَتحمَّلُ وِزرَ قَتلِه