حديث معاوية بن أبي سفيان 29

مستند احمد

حديث معاوية بن أبي سفيان 29

حدثنا يعلى، ويزيد بن هارون، قالا: حدثنا مجمع بن يحيى الأنصاري، قال: كنت إلى جنب أبي أمامة بن سهل، وهو مستقبل المؤذن، «وكبر المؤذن اثنتين، فكبر أبو أمامة، اثنتين، وشهد أن لا إله إلا الله، اثنتين، فشهد أبو أمامة اثنتين، وشهد المؤذن أن محمدا رسول الله، اثنتين، وشهد أبو أمامة اثنتين» ، ثم التفت إلي، فقال: هكذا حدثني معاوية بن أبي سفيان، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

اللهُ عزَّ وجلَّ كريمٌ جعَل للحَسَناتِ أبوابًا كثيرةً، ومِن فَضلِه سبحانَه إثابَتُه وتفضُّلُه بالأَجْرِ الكَبيرِ على العَملَ اليَسيرَ، إذا أخلَصَ فيه العبدُ لربِّه
وفي هذا الحديثِ يَقولُ الرَّسولُ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "إذا قالَ المؤذِّنُ: اللهُ أكبَرُ اللهُ أكبَرُ"، واكتَفَى هنا بذِكْرِ التَّكبيرِ مرَّتَينِ؛ إشارةً إلى أنَّهما في حُكْمِ كلمةٍ واحدةٍ؛ قصدًا للاختِصارِ، وتنبيهًا على الباقي، وهكذا سائرُ كَلِماتِ الأَذانِ، "فَقالَ أحَدُكُم"، أي: أجابَ بقولِه: "اللهُ أكبَرُ اللهُ أكبَرُ" كَما يَقولُ المؤذِّنُ، "فإذا قالَ"، أيِ: المؤذِّنُ، "أَشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، قال" المُجيبُ: "أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ" مِثلَ قولِ المؤذِّنِ، "فإذا قالَ" المؤذِّنُ: "أشهَدُ أنَّ محمدًا رسولُ اللهِ، قال" المُجيبُ: "أشهَدُ أنَّ محمَّدًا رسولُ اللهِ، ثمَّ قال" المؤذِّن: "حيَّ عَلى الصَّلاةِ"، أيْ: أقبِلْ على الصَّلاةِ، "قالَ" المُجيبُ: "لا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ"، أيْ: لا حِيلَةَ في الخَلاصِ مِن المعاصي، ولا قُوَّةَ لي على الطَّاعةِ إلَّا بتوفيقِه تعالى، "ثمَّ قال" المؤذِّنُ: "حيَّ عَلى الفَلاحِ"، أي: أقبِلْ على الفَوزِ والنَّجاةِ، "قال" المُجيبُ: "لا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ، ثمَّ قال" المؤذِّنُ: "اللهُ أكبَرُ اللهُ أكبَرُ، قال" المجيبُ: "اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، "ثمَّ قال" المؤذِّنُ: "لا إلهَ إلَّا اللهُ، قال" المجيبُ: "لا إلهَ إلَّا اللهُ" خالصةً، "مِن قَلبِه"، أيِ: المُجيبِ في جميعِ كَلِماتِ الأذانِ، "دخَلَ الجنَّةَ"؛ جزاءً لِقَولِه، وتَرديدِه الأَذانَ معَ المؤذِّنِ، وعدَمِ إعراضِه؛ لأنَّ في حكايةِ المسلِمِ وترديدِه للأذانِ توحيدٌ للهِ وتَعْظيمٌ له سبحانَه، وثَناءٌ عليه بما هو أهلُه، واستِسْلامٌ لطاعتِه، وتفويضُ الأمورِ إلى اللهِ، وفيه دعاءٌ، معَ إجابتِه إلى الصَّلاةِ، وإذا حصَل هذا للعبدِ، فقد حازَ حقيقةَ الإيمانِ وجِماعَ الإسلامِ، فكان جزاءُ ذلك هو دخولَ الجنَّةِ